مدير النشر
سعيد بندردكة
للتواصل هاتفيا
+212661491292
الثابت و الفاكس
+212537375252
الإيميل
[email protected]
مدير النشر
سعيد بندردكة
للتواصل هاتفيا
+212661491292
الثابت و الفاكس
+212537375252
الإيميل
[email protected]
الرباط / آخر خبر
في مناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان، أصدرت العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان بيانا مطولا رصدت فيه ما وصفته بـ”التحديات البنيوية المتفاقمة” التي تواجه منظومة حقوق الإنسان دوليا ووطنيا، محذرة من اتساع دائرة الانتهاكات، ومن تراجع الالتزام الدولي والوطني بالقيم الكونية لحقوق الإنسان.
البيان الذي حمل توقيع رئيس العصبة، عادل تشيكيطو، جاء هذه السنة تحت شعار الأمم المتحدة لسنة 2025: “حقوق الإنسان: ركيزة كرامتنا في الحياة اليومية”، وهو شعار ترى العصبة أنه يكتسي راهنية خاصة في ظل التوترات الدولية والاختلالات الاجتماعية والسياسية التي تطبع السياق الحالي.
أولى البيان حيزا مهما للوضع في غزة، معتبرا إياه “الجرح الأكثر نزفا في الضمير الإنساني العالمي”، في ظل ما تشهده المنطقة من قتل واسع النطاق وتدمير للبنى المدنية واستهداف للمدارس والمستشفيات.
وأكدت العصبة أن ما يجري هناك يشكل “انتهاكا صارخا للقانون الدولي الإنساني”، وأن عجز المجتمع الدولي عن فرض احترام الشرعية الدولية يعكس “تراجعا خطيرا في منظومة الحماية الكونية” ويفتح الباب أمام مزيد من الفوضى وتغول القوة على حساب القانون.
البيان شدد على أن حقوق الإنسان “ليست نسبية ولا خاضعة للمصالح السياسية”، داعيا إلى محاسبة كل المتورطين في الانتهاكات، وإلى تمكين الشعب الفلسطيني من حقوقه غير القابلة للتصرف.
إلى جانب غزة، سجلت العصبة اتساع رقعة النزاعات عالميا، وصعود أنظمة سلطوية وتنامي الشعبويات، وهو ما اعتبرته دليلا على “انكماش مقلق في الالتزام بالقيم الكونية”، وتراجعا في حماية المهاجرين واللاجئين والحريات الأساسية.
وبالنسبة لمجال الصحافة والإعلام انتقد البيان بشدة ما وصفه بـ”تراجع المساحة المتاحة لحرية التعبير”، مشيرا إلى تزايد الضغوط على الصحافة المستقلة واستمرار المتابعات المتعلقة بالرأي والنشر.
واعتبرت العصبة أن الاحتجاجات الأخيرة لشباب جيل Z كشفت حجم التوتر بين المواطنين والمؤسسات، و”اعتماد بعض رجال ونساء السلطة الترابية على شكايات ومتابعات ضد النشطاء والمدونين والصحافيين”، في ممارسة تراها تتعارض مع روح الدستور.
وسجلت العصبة ما وصفته بـ”أغرب الخروقات”، والمتمثل في امتناع السلطات عن منح وصولات الإيداع للجمعيات، معتبرة أن ذلك “يضرب في العمق الحق الأصيل في التنظيم، ويضر بصورة المغرب ويمس الثقة في المؤسسات”.
البيان عبر أيضا عن استغراب العصبة للتأخر المسجل في تفعيل توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة، مؤكدا أن غياب الإرادة السياسية لإحياء مسار العدالة الانتقالية “يعمق الفجوة بين الدولة والمجتمع”.
أما وضعية السجون فقد تطرقت العصبة بإسهاب إلى أوضاع المؤسسات السجنية، مؤكدة أن الاكتظاظ وارتفاع نسب الاعتقال الاحتياطي يشكلان “اختبارا حقيقيا لالتزام الدولة بمعايير المعاملة الإنسانية”.
وأضافت أن ضعف الامكانيات الطبية، وتحديات الصحة النفسية، وغياب آليات مراقبة مستقلة، كلها عوامل “تقتضي إصلاحاً بنيوياً عاجلا”.
كما سلط البيان الضوء على تراجع القدرة الشرائية، وتدهور جودة خدمات الصحة والتعليم، واتساع الفوارق المجالية، وارتفاع معدلات الفقر والهشاشة.
وأشار إلى أن وضعية النساء والأشخاص في وضعية إعاقة والمهاجرين واللاجئين “تعكس بوضوح حجم الاختلالات”، في ظل استمرار العنف المبني على النوع، وضعف الولوجيات، وهشاشة الأوضاع القانونية والإنسانية للمهاجرين.
وأكدت العصبة أن سوق الشغل المغربي يعاني من اتساع القطاع غير المهيكل، وضعف شروط السلامة المهنية، وتدهور الدخل، وتفاوت القدرة التفاوضية بين العمال والمشغلين، داعية إلى مقاربة شمولية تعزز الحماية الاجتماعية والكرامة الاقتصادية.
كما أيضاً نبه البيان إلى “التوسع المقلق” للعنف الرقمي، بما يشمله من ابتزاز وتشويه واختراق للمعطيات، واستعمال التكنولوجيا للتضييق على الحقوقيين والصحافيين، مطالبا باستراتيجية وطنية للتصدي لهذه الظاهرة.
وفي ما يتعلق بالحق في بيئة سليمة، شددت العصبة على أن التغيرات المناخية وتدهور جودة الهواء والماء باتت تهدد حياة المواطنين، داعية إلى تعزيز الرقابة البيئية وربط السياسات العمومية بمقاربة حقوقية واضحة.
وفي ختام بيانها، أكدت العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان أن “الطريق نحو مجتمع ديمقراطي يمر عبر حماية الحريات الفردية والجماعية، وتوسيع الفضاء المدني، والتخلي عن المقاربة الأمنية تجاه المطالب الاجتماعية”.
ودعت إلى إعادة الثقة في المؤسسات وربط المسؤولية بالمحاسبة، موجهة مجموعة من المطالب أبرزها:
• وقف الانتهاكات في غزة والدفاع عن الحقوق غير القابلة للتصرف للشعب الفلسطيني.
• الإفراج عن كافة المعتقلين على خلفية حرية التعبير والاحتجاج السلمي، بما في ذلك معتقلو حراك الريف وشباب جيل Z.
• مراجعة القوانين المؤطرة للحريات العامة، وملاءمتها مع المعايير الدولية.
• تفعيل توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة وضمان عدم التكرار.
• تقليص الفوارق الاجتماعية وتحسين جودة الخدمات الأساسية.
• وضع استراتيجية وطنية لمكافحة العنف الرقمي والعنف المبني على النوع.
• تعزيز استقلالية القضاء وضمان الحق في الوصول إلى المعلومة.
• احترام حقوق المهاجرين واللاجئين.
• دعم الصحافة المستقلة وتوسيع فضاء الحرية الرقمية.
واختتمت العصبة بيانها بالتأكيد على أن كرامة المواطن حق غير قابل للتفاوض أو التنازل، وأن حقوق الإنسان يجب أن تكون فعلا “ركيزة للحياة اليومية”، وليس مجرد شعارات مناسباتية.
