مأساة شاب في طنجة: هوس الشهرة على تيك توك ينتهي بالقفز من الجرف والنار تشتعل في جسده

أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي جزءًا لا يتجزأ من حياة الكثيرين، حيث يسعى المستخدمون إلى جذب الانتباه وتحقيق الشهرة عبر مقاطع الفيديو المثيرة. لكن حين يتحول هذا السعي إلى هوس، فإن العواقب قد تكون كارثية. هذا ما حدث في طنجة، حيث انتهت محاولة شاب لتصوير تحدٍّ خطير على تطبيق “تيك توك” بمأساة أودت بحياته، تاركة وراءها الكثير من التساؤلات حول تأثير هذه المنصات على سلوك الشباب وحدود المخاطرة في سبيل الشهرة.

مساء السبت 15 فبراير، قرر شاب خوض تجربة خطيرة أمام عدسة الكاميرا، حيث أضرم النار في جسده وقفز من “جرف الزهاني” بشاطئ مرقالة في طنجة، في مشهد صادم كان شقيقه وصديقه يوثقانه. غير أن التيارات البحرية القوية جرفته بعيدًا، ليختفي وسط المياه قبل أن يتمكن أحد من إنقاذه. ورغم جهود فرق الإنقاذ، فإن عمليات البحث عنه لا تزال مستمرة، وسط حالة من التوتر والذهول بين الحاضرين. الحادثة، التي صدمت سكان المنطقة والمتابعين على وسائل التواصل، تعيد إلى الأذهان خطورة بعض التحديات التي انتشرت في السنوات الأخيرة، حيث يغامر بعض الشباب بحياتهم من أجل بضع ثوانٍ من الإثارة والمشاهدات.

لطالما كانت وسائل التواصل الاجتماعي منصة للتعبير والإبداع، لكنها تحوّلت في كثير من الأحيان إلى ساحة للتحديات الخطيرة التي تدفع البعض إلى تجاوز حدود السلامة، سعيًا وراء الشهرة السريعة. من “تحدي النار” إلى القفز من المرتفعات، أصبحت هذه الظواهر تشكّل خطرًا حقيقيًا، حيث يسعى المستخدمون إلى جذب المشاهدات بأي ثمن، غير مدركين أن بعض التحديات قد تكون مميتة. ما يزيد الأمر خطورة هو أن هذه التحديات تنتشر بسرعة عبر المنصات الرقمية، مما يشجع مزيدًا من الشباب على تقليدها دون التفكير في العواقب. ومع غياب التوعية الكافية والرقابة الأسرية، يجد البعض أنفسهم في مواجهة مخاطر لم يكونوا مستعدين لها، كما حدث في هذه الواقعة المؤلمة.

هذه الحادثة تطرح تساؤلات ملحّة حول دور المجتمع في حماية الشباب من المخاطر التي قد تنتج عن هوس الشهرة على وسائل التواصل. فمن الضروري تكثيف حملات التوعية حول مخاطر التقليد الأعمى لهذه التحديات، إلى جانب تشديد الرقابة على المحتوى الخطير الذي يروج لمثل هذه الممارسات. كما أن المنصات الرقمية نفسها تتحمل جزءًا من المسؤولية، إذ يجب أن تتخذ إجراءات أكثر صرامة لحظر المحتوى الذي يشجع على التحديات الخطرة، وتوعية المستخدمين بالعواقب الوخيمة لمثل هذه التصرفات.

قد يبدو تحدٍ مثيرٌ أو تجربةٌ جريئة وسيلةً لتحقيق الشهرة، لكنه قد يكون أيضًا آخر شيء يقوم به الإنسان في حياته. هذه الحادثة المأساوية في طنجة تذكرنا بأن الحياة ليست لعبة، وأن البحث عن الإثارة لا يجب أن يكون على حساب الأمان. فالمشاهدات والإعجابات لا تستحق المخاطرة بالحياة، ولا شيء يعوض خسارة إنسان بسبب لحظة تهور. على الشباب أن يدركوا أن وسائل التواصل ليست سوى أداة، وأن الأهم هو كيفية استخدامها بحكمة. فالشجاعة الحقيقية ليست في خوض المخاطر المتهورة، بل في معرفة متى يجب التوقف والتفكير في العواقب.