مدير النشر
سعيد بندردكة
للتواصل هاتفيا
+212661491292
الثابت و الفاكس
+212537375252
الإيميل
[email protected]
مدير النشر
سعيد بندردكة
للتواصل هاتفيا
+212661491292
الثابت و الفاكس
+212537375252
الإيميل
[email protected]
منذ حلول شهر رمضان، تتحول ساحات المساجد بالقنيطرة خصوصًا في أحياء مثل الساكنية، الخبازات، والمغرب العربي، إلى ملاعب مفتوحة للدوريات الرمضانية، حيث يجتمع الشباب في أجواء حماسية تمتد إلى ساعات متأخرة من الليل. هذا المشهد، رغم طابعه الشعبي والاحتفالي، يطرح تساؤلات جوهرية حول دور ملاعب القرب التي تم إنجازها في مختلف مناطق المدينة بميزانيات ضخمة، لكنها في المقابل لا تستوعب هذه الأنشطة كما كان متوقعًا. لماذا يفضل الشباب اللعب في الشوارع والمساحات غير المهيأة بدل الاستفادة من هذه المنشآت؟ وهل يعكس هذا الأمر فشلًا في التدبير أم أن هناك أسبابًا أعمق؟
في السنوات الأخيرة، شهدت القنيطرة تشييد عدد من ملاعب القرب، من بينها تلك الموجودة في الساكنية، أولاد وجيه، وبئر الرامي، في إطار برامج تهدف إلى توفير فضاءات رياضية مناسبة للشباب. لكن على أرض الواقع، يبدو أن هذه المنشآت لم تحقق الغاية المرجوة، حيث لا تزال الأزقة والساحات هي الخيار الأول للعب، مما يثير تساؤلات حول مدى توفر هذه الملاعب على شروط الولوج العادل والمجاني.
من بين الإشكالات الكبرى التي تعاني منها ملاعب القرب في القنيطرة، هو أنها في كثير من الأحيان تخضع لمنطق تجاري، حيث يُفرض على الراغبين في اللعب دفع مبالغ مالية للاستفادة من الملعب، وهو ما يجعلها غير متاحة للجميع، خاصة لفئات الشباب الذين يفضلون اللعب مجانًا في فضاءات مفتوحة. هذا الأمر يتناقض مع الفكرة الأصلية لهذه المشاريع التي كان يُفترض أن توفر فضاءات رياضية بالمجان أو بأسعار رمزية، لكنها في الواقع تحولت إلى مصدر دخل لبعض الجهات المسيرة، مما يجعل الشباب يلجؤون إلى بدائل غير مهيأة، مثل ساحات المساجد وأزقة الأحياء.
إلى جانب العائق المالي، تعاني بعض ملاعب القرب في القنيطرة من ضعف الصيانة والإغلاق المتكرر، حيث يجد الشباب أنفسهم أمام منشآت غير متاحة أو غير مجهزة بالشكل المطلوب، مما يزيد من عزوفهم عن استخدامها. كما أن بعض هذه الملاعب تُدار بأسلوب بيروقراطي، حيث يُفرض الحجز المسبق أو التسجيل في قوائم طويلة، وهو ما يتعارض مع طبيعة الأنشطة الرياضية العفوية التي يفضلها الشباب، خاصة خلال شهر رمضان حيث تكون المنافسات عفوية وتلقائية.
اللعب أمام المساجد في القنيطرة، خاصة في محيط مسجد “التقوى” بالخبازات أو مسجد “التوحيد” في الساكنية، يؤدي إلى احتكاك متكرر بين الشباب والمصلين، خاصة خلال صلاتي العشاء والتراويح. أصوات المباريات، هتافات المشجعين، وصخب المباريات تؤثر على أجواء العبادة، مما يخلق نوعًا من التوتر بين الطرفين. وبالرغم من محاولات بعض السكان التدخل، إلا أن غياب فضاءات رياضية متاحة يجعل الشباب مضطرين للاستمرار في هذه الممارسات.
هذا الوضع يسلط الضوء على خلل أعمق في تدبير مشاريع ملاعب القرب في القنيطرة. فبدل أن تكون هذه المنشآت ملاذًا للشباب، نجدها إما غير مستغلة بالشكل المطلوب، أو مغلقة، أو مفروضة عليها رسوم تجعلها غير متاحة للجميع. إذا كانت الدولة قد أنفقت ميزانيات ضخمة على إنجاز هذه الملاعب، فمن الضروري إعادة النظر في طريقة تسييرها وضمان استفادة فعلية للشباب دون عوائق مالية أو إدارية.
الحل لا يكمن فقط في فتح هذه الملاعب بالمجان خلال شهر رمضان، بل في تطوير برامج تدبيرية جديدة تضمن عدالة أكبر في الولوج، وتسمح باستخدامها بمرونة دون عراقيل. كما يمكن إشراك المجتمع المدني والجمعيات الرياضية في تسيير هذه المنشآت، لضمان استخدامها بشكل منظم وعادل، بدل أن تبقى رهينة التسيير العشوائي أو الاحتكار.
ما يحدث في القنيطرة ليس مجرد ظاهرة عابرة، بل هو انعكاس لمشكلة وطنية تتعلق بمدى قدرة مشاريع البنية التحتية الرياضية على تحقيق أهدافها. إذا لم يتم تدارك الوضع، سنظل نشهد نفس المشهد كل رمضان: ساحات المساجد تتحول إلى ملاعب، بينما تبقى الملاعب الحقيقية مغلقة أو غير مستغلة بالشكل المطلوب، مما يجعل الشباب في مواجهة دائمة مع غياب البدائل وضعف التخطيط.