مدير النشر
سعيد بندردكة
للتواصل هاتفيا
+212661491292
الثابت و الفاكس
+212537375252
الإيميل
[email protected]
مدير النشر
سعيد بندردكة
للتواصل هاتفيا
+212661491292
الثابت و الفاكس
+212537375252
الإيميل
[email protected]
السعادة مفهوم يصعب تعريفه أو صياغته في مكانه الصحيح، فلا يمكن لنا تحديد السعادة بمعناها الحقيقي الملموس في ذواتنا وأعماق نفوسنا، فقد عرفها العديد من العلماء والفلاسفة من منظورهم الخاص، ومن خلال رؤيتهم الخاصة لمعنى السعادة الحقيقية في الحياة، ولهذا لم يُتفق على تعريف موحد لها.
فالسعادة هي كل ما نستشعره في القلب وينتشر في الجسد كمفعول جرعة دواء لها تأثير إيجابي على حياة الإنسان، فكل واحد منا يمتلك قوة داخلية بإمكانه أن يُسعد بها نفسه، وينظر لمن حوله ليكتشف أن السعادة الحقيقية تكمن داخله، لا عند الآخرين، لأن السعادة الحقيقية موجودة في كل زمان ومكان، ومن حولنا، فهي حالة روحية سامية، ومن حق كل إنسان التمتع بها.
لقد خلقنا الله لنتذوق السعادة الحقيقية، فقد خلقنا في أحسن تقويم وسخّر لنا كل شيء في هذا الوجود، لكننا نحن من تخلينا عنها، وبدأنا نبحث عنها في أشياء مادية تنتهي مدة صلاحية “السعادة بها” بانتهاء مفعولها، فربطنا سعادتنا بالماديات ونسينا ما هو أساسي ودائم التأثير: قربنا من الله، وصلتنا به، والبحث عن خبايا السعادة بالرجوع إليه، فالأولياء الصالحون لم يكونوا يملكون مالًا وفيرًا، ولم يكن الأمر عليهم يسيرًا، بل في بعض الأحيان لم يجدوا قوت يومهم، ومع ذلك كانوا سعداء بما لديهم.
فالسعادة لا تتحقق بالأولاد، ولا بالأصدقاء، ولا بالشهادات، ولا بالسفر، ولا بالمقتنيات، ولا بأشهى الأطعمة… والقائمة تطول. لكن السعادة الحقيقية تتحقق عندما يكون اتصالك بالله دائمًا. فحلاوة السعادة ليست في امتلاك الأشياء، بل في إعطائها بكل حب وود، حتى وإن لم تكن تملك الكثير.
يمكن أن نستشعر حلاوة السعادة بكلمة نواسي بها أحدهم تحت وطأة الحياة وكسر الخاطر، أو بإعطاء جرعة أمل لمتشائم فقد الشغف بالحياة فالنظر إلى أحدهم وهو يبتسم، وتلمح الفرح في عينيه، كفيل بأن يجعلك تشعر بالسعادة الحقيقية، لأنها شعور داخلي وروحي يسمو فوق كل الماديات. هي ليست معادلة كيميائية أو لغزًا آسيويًا، بل ذبذبات تتناثر عليك من هنا وهناك، إن أنت التقطتها ولم تربطها بوجود الآخرين في حياتك، فكن متيقنًا أنك ستصل إلى السعادة الحقيقية، وهنا أستحضر حكمة تقول: سألتُ السعادة متى تسكنين القلب؟ فقالت: إذا توفرت فيّ ثلاثة: عدم الحزن على ما فات، وعدم القلق على ما هو آت، والرضا بما قسمه رب العالمين
فسعادة حياتك بيدك أنت، لا بيد غيرك ما عليك سوى أن تكون راضيًا ومقتنعًا بأن لا أحد ينقصه شيء، فكن واثقًا أن الحياة تأخذ من الجميع، وكلٌّ يربط سعادته بما ينقصه، وهذا أكبر خطأ يقع فيه الكثير، خصوصًا في عالم المظاهر والماديات المزيفة، وسط التطور التكنولوجي الذي يوهمنا بأن الجميع سعداء. لكن خلف الكواليس أمر آخر، غير هين.
فانخداعنا بصور حياة الآخرين المترفة يُشعرنا أن السعادة مرتبطة بما هو مادي، ويغذي هذا عقلنا اللاواعي، فيدفع الكثير للانجراف في تيار المقارنات، ليجد نفسه في حفرة عميقة لا يستطيع الخروج منها. فمن يمد عينه لما في يد غيره، يعيش في كرب دائم.
نحن مختلفون، وقد خلقنا الله سواسية كما قال: “ورفعنا بعضكم فوق بعض درجات”. لكل منا ميزاته الجميلة والرائعة التي قد لا يكون قد اكتشفها بعد، ولكل واحد منا “درجة”: درجة علم، درجة أخلاق، درجة مال… وقس على ذلك.
نحن نبحث عن السعادة ونتوه في البحث عنها، بينما هي تسكننا، لكننا فقدناها لأننا ربطناها بأشخاص، بأشياء، بأحلام، وبأهداف. لكنها أعمق من ذلك كله. علينا أن نتعلم كيف نعيش السعادة في أبسط صورها، نستشعرها بالقلب، ونتذوقها بالعقل فالسعادة التامة والراحة الكاملة تسمو فوق الأرض وتحلق في السماء قربًا من الله.
لهذا عش حياتك بسعادة، وابتسم، وحلّق عاليًا، كأنه لا أحد في هذا العالم أسعد منك فسعادتك ستكون كالشعاع، تنير به أرجاء العالم