Afterheaderads-desktop

Afterheaderads-desktop

Afterheader-mobile

Afterheader-mobile

القنيطرة… بين الفائض المالي وفائض الفشل..الناموس يصفق لخطابات الرئيسة

في القنيطرة، المدينة التي يُفترض أن تتنفس الحداثة وتُغني مشهد التنمية الجهوية، أصبح السكان مضطرين إلى التعايش مع واقع بيئي قاسٍ أشبه بما يُعرض في وثائقيات عن المدن المنكوبة، لا أكثر. الأزبال تتناثر في كل زاوية، الناموس صار مواطناً دائم الإقامة، والحفر في الطرقات تتكاثر بسرعة تقارب سرعة البيانات الرسمية في إعلان “الإنجازات”.

وفي خضم هذا الواقع العبثي، تفاجئنا السيدة الرئيسة، وبكل ثقة لا يحسدها عليها إلا من فقد الإحساس، بتصريحات إعلامية تتحدث فيها عن “فائض مالي” وكأن المدينة أنهت كل مشكلاتها، وتفرغت الآن للادخار! ويا للعجب، فالفائض الذي تستند إليه ليس ثمرة تدبيرها، بل إرث تركه من سبقها، ويبدو أنها قررت تبنّيه كما يتبنى البعض شجرة زيتون غرستها الأقدار في حديقة البيت.

الأكثر إثارة أن السيدة الرئيسة، حفظها الله لنا وللإعلام، تكرر ذات العبارات وكأنها تعويذة تنظيمية: “طلطعشر مليار” “مشاريع ملكية”، “فائض الميزانية”، “إنجاز تاريخي”… لكنّ أحداً لم يسمعها يوماً تنطق بكلمة “الأزبال”، أو “الناموس”، أو “الإنارة العمومية”، ربما لأن هذه الكلمات لا تمرّ من فلاتر الخطاب المؤسساتي النظيف جداً، على عكس شوارع المدينة.

الملاحظ أن الرئيسة ربما لا تعيش في القنيطرة نفسها التي نعرفها. فربما لا تحلق أسراب الناموس في حديقة فيلتها، وربما الشوارع المؤدية إلى مقر عملها مفروشة بالإسفلت المصقول لا بالحفر المتناسلة. وربما لم تمشِ يوماً في الأزقة المظلمة التي تحفظها ساكنة الأحياء الشعبية عن ظهر قلب.

ما يجري في القنيطرة ليس فقط فشلاً في التدبير، بل عرض سياسي مسرحي رديء الإخراج، حيث يُرفع الستار على مدينة تغرق في النسيان، ثم يظهر الممثل الرئيسي ليتلو علينا بياناً عن التوازن المالي، وكأن الميزانية أصبحت بطلاً خارقاً قادرًا على إصلاح الإنارة، جمع الأزبال، وردم الحفر… بمجرد أن يُذكر اسمه.

المدينة تستحق أكثر من هذه الكوميديا السوداء. تستحق مسؤولين يعيشون واقعها، لا واقع البلاغات الرسمية. تستحق من يُدير شؤونها لا من يُدير وجهه عنها، ويكتفي بتقديم جرد للمنجزات الوهمية بينما السكان يُعدّون عدد لسعات الناموس أكثر مما يُعدّون وعود المجلس.

لا يسعنا القول إلا أن القنيطرة اليوم لا تحتاج فقط إلى فائض مالي، بل إلى فائض من الوعي، والضمير، والصدق، وكلها عملات نادرة في بورصة السياسة المحلية.


شاهد أيضا
تعليقات
تعليقات الزوار
Loading...