مدير النشر
سعيد بندردكة
للتواصل هاتفيا
+212661491292
الثابت و الفاكس
+212537375252
الإيميل
[email protected]
مدير النشر
سعيد بندردكة
للتواصل هاتفيا
+212661491292
الثابت و الفاكس
+212537375252
الإيميل
[email protected]
رغم الجهود التي تبذلها الحكومة المغربية لضمان استقرار أسعار أضاحي العيد في الأسواق، عبر تقديم دعم مالي ضخم لمستوردي الماشية، إلا أن الأسعار ما فتئت ترتفع يومًا بعد الآخر. هذه الارتفاعات المستمرة حولت أسعار الأضاحي إلى ما يمكن وصفه بـ”الأسعار المجنونة”، والتي بات من الصعب على العقل تقبلها.
تحاول الحكومة المغربية منذ سنوات وضع حد للارتفاع الجنوني في أسعار أضاحي العيد من خلال تقديم الدعم المالي لمستوردي الماشية، حيث تسعى لضمان وفرة العرض في الأسواق لمواجهة الطلب المتزايد. ورغم ذلك، لم تؤد هذه الجهود إلى النتائج المرجوة، إذ تواصل الأسعار ارتفاعها بشكل يفوق قدرة الأسر المغربية على التحمل.
كشفت المندوبية السامية للتخطيط أن 1% من أغنياء المغرب لا يمارسون شعيرة عيد الأضحى، في حين يمتنع 20.1% من أرباب الأسر ذوي المستوى التعليمي العالي عن تأديتها. هذا الامتناع لا يعكس قلة الموارد لدى هذه الفئات، بل يشير إلى توافر بدائل غذائية متاحة لهم طيلة السنة، في حين تظل الأسر الضعيفة تواجه جشع الوسطاء والمضاربين الذين يستغلون المناسبات الدينية لتحقيق أرباح خيالية.
عيد الأضحى بالنسبة للفقراء ليس فقط شعيرة دينية بل أيضًا مناسبة غذائية نادرة لا تتكرر إلا مرة واحدة في السنة. في ظل هذا الواقع، يصبح من الضروري أن تتدخل الحكومة بفعالية أكبر لحماية هذه الفئة من جشع الوسطاء والمضاربين الذين لا يتورعون عن استغلال هذه المناسبة لزيادة أرباحهم على حساب المواطنين البسطاء.
### دور الحكومة والسلطات المحلية
لقد أظهرت الدولة قدرتها على اتخاذ إجراءات صارمة في أوقات الأزمات، كما حدث خلال جائحة «كوفيد 19» عندما فرضت إجراءات حجر صحي صارمة ودعمت الفقراء لمحاربة الاحتكار. ومع ذلك، تبدو السلطات المحلية والمنتخبين والمعينين عاجزين عن مواجهة بضعة آلاف من الشناقة والسماسرة الذين يتلاعبون بأسعار الأضاحي تحت ذريعة آليات السوق الحرة.
تتردد في القنوات العمومية والبرلمان تصريحات حول وفرة القطيع وتفوق العرض على الطلب، إلا أن الواقع في الأسواق ونقاط بيع الأضاحي يعكس صورة مغايرة تمامًا. فالأسعار المجنونة التي يواجهها المواطنون تفوق بكثير قدرتهم الشرائية، مما يضعف ثقتهم في التدابير الحكومية ويزيد من معاناتهم الاقتصادية.
تحتاج الحكومة إلى تبني استراتيجية أكثر فعالية واستدامة لمواجهة هذه الأزمة السنوية. يجب أن تشمل هذه الاستراتيجية تعزيز الرقابة على الأسواق، وتفعيل دور السلطات المحلية في حماية المواطنين من جشع الوسطاء، وتقديم دعم مباشر للأسر الفقيرة لتمكينها من تأدية شعيرة عيد الأضحى دون إرهاق ميزانياتها المحدودة.
إن تحقيق استقرار أسعار الأضاحي وضمان وصولها إلى جميع الأسر بأسعار معقولة هو مسؤولية جماعية تتطلب تضافر جهود الحكومة والسلطات المحلية والمجتمع المدني. فالأضحى ليس فقط مناسبة دينية بل أيضًا فرصة لتعزيز التكافل الاجتماعي وتحقيق العدالة الاقتصادية في مجتمع يعاني من فجوات واسعة بين الأغنياء والفقراء.