Afterheaderads-desktop

Afterheaderads-desktop

Afterheader-mobile

Afterheader-mobile

كلمة محمد نبيل بنعبد الله الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية في تأبين الفقيد عبد العزيز بنزاكور عضو مجلس رئاسة الحزب

“مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً”

صدق الله العظيم.

رفيقي الأستاذ سي عبد العزيز بنزاكور

ها نحن نودعك إلى دار البقاء، رحمةُ الله عليك وأسكنك فسيح جناته

ها أنت تغادرنا، يا رفيقي العزيز بعد حياة حافلة بالعطاء والنضال والكفاح بقوةٍ وهدوءٍ والتزامٍ وتواضُعٍ ونكرانٍ للذات بما جعلك فعلاً من القامات الوطنية البارزة عن جدارةٍ واستحقاق

فعلى كل الواجهاتِ التي ناضلتَ من خلالها بما تحمله كلمة النضال من مَعَانٍ نبيلة وسامية وفي كل الفضاءاتِ التي مررتَ منها، أبليتَ البَلاء الحَسَن، وتركتَ بصماتٍ لن تُمحى، ونَقَشْتَ في نفوس كل من عاشرَك، أو ناضل أو اشتغل إلى جانبك، من دون استثناء، أثراً طيّباً وذكرياتٍ أجمل.

فكلما ذُكِر اسمكَ في مَحفَلٍ، يا فقيدَنا سي عبد العزيز بنزاكور، وفي أي فضاء، لا تُسمَعُ سوى عبارة “الله يعمرها دار”

وفي صفوف حزبك، لم يكن الأمرُ مختلفاً، إذ حظيتَ طوال مساركَ النضالي بتقديرٍ خاصٍّ من قِبَلِ جميع رفيقاتك ورفاقك من كافة الأجيال لِـــما تحليتَ به من أخلاقٍ فاضلة، وما تميزتَ به من كفاءةٍ عالية، وما نشهد لك به جميعاً من وفاءٍ عميقٍ لتوجهات الحزب وتشبثٍ قويٍّ بمبادئه.

وسيظل حزبُك يَحفَظُ لك أنك كنتَ مناضلاً من الطراز العالي منذ التحاقك بصفوف الاتحاد الوطني لطلبة المغرب وبالحزب الشيوعي المغربي في بدايات الستينات من القرن الماضي وكنتَ نموذجاً في التطوع والجرأة والشجاعة والمسؤولية والبذل، ومثالاً في الاتزان ومكارم الأخلاق ونُبلِ القيم. وتحمَّلتَ مسؤولياتٍ حزبية متعددة باقتدارٍ جعلك دائماً قيمةً مُضافةً لنضالنا الحزبي.

ولم تتغير يا رفيقنا ولم تتبدل، ولم تُبَدِّلْ تبديلاَ وبقيتَ على نفْسِ الظاهر الصريح والباطن النقيِّ. وهكذا عرفك كبارُ قادة حزبنا، وكذا كبارُ قادة الحركة الوطنية، لكن أيضاً هكذا قدَّمتَ خدماتٍ جليلة للوطن من مواقع رسمية عديدة.

وحينَ وَلَجْتَ عن حبٍّ واقتناعٍ واختيار، إلى مهنةَ المحاماة ما لبثتَ أن تفوقتَ فيها وتميزتَ في دُروبها ونجحتَ نجاحاً باهراً في أن تَشُقَّ طريق التألق المهني لتصبح واحداً من خيرة المحامين المغاربة، ليس على صعيد مدينة الدار البيضاء فحسب، ولكن على المستوى الوطني. فصنعتَ لك ولمكتبك اسماً وصِيتاً مهنيًّا بارزيْن، صُحبة رفيق الدرب والنضال الرفيق حميد الحبابي.

هكذا، تحملتَ بتألق مسؤولياتٍ مهنية كبيرة فكنتَ نقيبًا للمحامين بهيئة الدار البيضاء ورئيساً لجمعية هيئات المحامين بالمغرب ورئيساً للاتحاد الإفريقي للمحامين، وعضواً ومستشاراً خاصا لرئيس الاتحاد الدولي للمحامين، وعضواً بالمكتب الدائم لاتحاد المحامين العرب، ومندوباً للجنة الدولية للقانونيين.

ولأنك من طينة الكبار، ومن معدنٍ إنسانيٍّ أصيل وتَجري في دمائك رسالةُ إقرار الحرية والحق والعدل والديموقراطية، فإنه لم يَـــــحِــــــدْ بك نجاحُك المهني عن طريق النضال. فدافعتَ بلا أدنى تردُّدٍ، عن البُسطاء والمقهورين والمستضعفين والمظلومين، واستجبتَ عن شهامةٍ وإيمان دوماً وبالخصوص، إلى طلبات حزبك في هذا المِضمار كما دافعتَ عن المعتقلين السياسيين الذين كانوا ضحايا الممارسات التعسفية والمحاكمات السياسية في زمن الجمر والرصاص.

هكذا تقاطعتْ في مسيرتك المشهودِ بِتَمَيُّــــزِها من طرف الجميع مساراتُ النضال السياسي والنضال المهني والنضال الحقوقي، من مُنطلق تطلعك نحو الإسهام في تغيير الأمور نحو الأفضل في وطنك المغرب الذي أحببتَهُ بلا حدود وحتى النخاع.

ولذلك كان من الطبيعي أن تَخُطَّ على الواجهة الحقوقية نضاليا ومؤسساتيا، رصيداً قَلَّ نظيرُه، فكنتَ أحد مؤسسي المنظمة المغربية لحقوق الإنسان. كما تَحَمَّلَتَ مسؤولياتٍ رسمية متعددة، من بينها رئاسة مؤسسة الوسيط، وعضوية المجلس الأعلى للسلطة القضائية، وعضوية المجلس الاستشاري ثم المجلس الوطني لحقوق الانسان، وعضوية هيئة الإنصاف والمصالحة، وعضوية هيئة التحكيم المستقلة لتعويض ضحايا الاختفاء القسري والاعتقال التعسفي، وعضوية اللجنة الوطنية لمراقبة حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي، وعضوية الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، وعضوية المجلس الإداري لجامعة الحسن الثاني عين الشق، وغير ذلك من الإسهامات القيّمة التي كانت لك في فضاءاتٍ كثيرة بصمتَ فيها كلَّها على مسارٍ حافل جسَّدتَ خلاله نموذجاً للمناضل الملتزم والمثقف الكُــفُؤ والمدافع الأمين عن حقوق الوطن والشعب وعن قضايا الديموقراطية وحقوق الإنسان ببلادنا.

ها أنت، يا رفيقي، تغادرنا، إذن، بعد معاناةٍ مع المرض، تاركاً وراءك حسرةً وأَلَـــماً في نفوسنا جميعاً. لكن تركتَ في وجدان كافة من تَعرَّف إليك أو احتكَّ بكَ حُباًّ عظيماً وتقديراً صادقاً وانطباعاً جميلاً إزاءك. فَطُوبَـــى لك بهذا المسار وبهذه المشاعر النبيلة التي زرعتَها بطيبوبتك وإخلاصك وكفاءتك ووفائك.

إنها لحظةٌ حزينةٌ جداًّ هذه التي نعيشها اليوم، ونحن نودعك الوداع الأخير، يا أيها المناضل الفذُّ. لكننا نعاهدك على الوفاء للمبادئ والقيم والــــمُثُل التي جَسَّدتها وناضلتَ من أجلها طوال حياتك. وستظل لك مكانةً خاصةً في قلوبنا.

تعازينا الحارة، مُجدداً، إلى أسرة وعائلة فقيدنا سي عبد العزيز بنزاكور، وخاصة إلى ابنته ليلى وابنه رشيد، وإلى أخويه التهامي وعبد الحق وإلى عائلات بنزاكور والرايس والفاسي الفهري وبلبشير والعلمي.

عزاؤنا واحد، يا أهل الفقيد وأصدقاءه ومحبيه ومعارفه.

تغمد اللهُ الفقيدَ بواسع الرحمة والمغفرة وأسكنه فسيح الجنان، وأجزل له الأجر والثواب على ما قدَّمَهُ من خدماتٍ جليلة إلى وطنه، وألهمَنا جميعاً الصبر والسلوان وحُسن العزاء

إنا لله وإنا إليه راجعون


شاهد أيضا
تعليقات
تعليقات الزوار
Loading...