Afterheaderads-desktop

Afterheaderads-desktop

Afterheader-mobile

Afterheader-mobile

التوحد في المغرب: التحديات ودور جمعيات المجتمع المدني في الدعم والتأهيل

منذ أن خصصت الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 2 أبريل من كل عام بوصفه اليوم العالمي للتوعية بالتوحد في عام 2007، دأبت الأمم المتحدة على العمل من أجل صون حقوق الإنسان والحريات الأساسية للأشخاص ذوي التوحد، وضمان مشاركتهم المتكافئة في مختلف مناحي الحياة. وعلى مرّ الأعوام، أُحرز تقدم ملحوظ في هذا المجال، وكان لذلك الفضل الأكبر لنشطاء التوحد الذين سعوا بلا كلل إلى إيصال أصواتهم وتجاربهم إلى صدارة النقاشات العالمية..
وبعد مضي أكثر من 17 عاماً، فقد تطوّر هذا الحراك العالمي من مجرّد التوعية إلى التقدير والقبول والدمج، مع الاعتراف بالدور الذي يضطلع به الأشخاص ذوو التوحد في خدمة مجتمعاتهم والمجتمع الدولي على حدّ سواء.
وسوف يتم إحياء اليوم العالمي للتوعية بالتوحد لعام 2025 تحت شعار: “المضيّ قُدُماً في ترسيخ التنوع العصبي في سياق تحقيق أهداف التنمية المستدامة”، من أجل تسليط الضوء على التلاقي البنّاء بين قضايا التنوع العصبي والجهود العالمية لتحقيق التنمية المستدامة، وإُبراز كيف يمكن للسياسات والممارسات الشاملة أن تُحدث أثراً إيجابياً في حياة الأشخاص ذوي التوحد وأن تُسهم في بلوغ أهداف التنمية المستدامة.
و يُعد اضطراب طيف التوحد (ASD) autism spectrum disorder من الاضطرابات النمائية العصبية التي تؤثر على تفاعل الأفراد مع محيطهم الاجتماعي وتطوير مهاراتهم اللغوية والسلوكية. في المغرب، يواجه الأطفال المصابون بالتوحد وأسرهم تحديات عديدة، منها قلة المراكز المتخصصة، نقص الأطر المدربة، وارتفاع تكاليف العلاج والتأهيل. لكن في ظل هذه التحديات، تلعب جمعيات المجتمع المدني دورًا رئيسيًا في تحسين ظروف الأطفال المصابين بالتوحد، من خلال التوعية والدعم والتأهيل.
و رغم غياب إحصائيات دقيقة حول عدد المصابين بالتوحد في المغرب، تشير بعض الدراسات إلى أن آلاف الأسر تواجه صعوبات في الحصول على تشخيص دقيق ورعاية مناسبة لأطفالها. ويرجع ذلك إلى:نقص الأطباء والأخصائيين في هذا المجال و غياب مراكز التشخيص المبكر في العديد من المدن والقرى و ارتفاع تكاليف العلاج، مما يجعل الكثير من الأسر غير قادرة على تحمل النفقات و قلة الوعي المجتمعي حول طبيعة التوحد، مما يؤدي إلى وصمة اجتماعية تعيق دمج المصابين به في المجتمع.
و نظرًا للفراغ الذي تتركه المؤسسات الرسمية في تقديم الرعاية والدعم، ظهرت العديد من جمعيات المجتمع المدني في مختلف مدن المغرب لمساندة الأطفال المصابين بالتوحد وأسرهم. وتتمثل أبرز أدوار هذه الجمعيات فيما يلي:
1. التشخيص والتوجيه: تقدم بعض الجمعيات خدمات الكشف المبكر عن التوحد، كما توفر للأسر الإرشادات اللازمة حول كيفية التعامل مع أطفالهم وطرق تحسين مهاراتهم التواصلية والسلوكية.
2. برامج التأهيل والتربية الخاصة: توفر الجمعيات مراكز متخصصة لتقديم حصص علاجية للأطفال، مثل العلاج السلوكي التطبيقي (ABA)، والعلاج الوظيفي، وعلاج النطق والتخاطب.
3. التوعية المجتمعية: تعمل الجمعيات على نشر الوعي حول التوحد من خلال حملات توعوية، وندوات، وورش عمل، بهدف تصحيح المفاهيم الخاطئة حول الاضطراب وتعزيز الاندماج الاجتماعي.
4. الدفاع عن حقوق المصابين بالتوحد: تسعى الجمعيات للضغط على الجهات الحكومية من أجل توفير سياسات عمومية تضمن للأطفال المصابين بالتوحد حقهم في التعليم، الصحة، والإدماج الاجتماعي.
و من بين الجمعيات النشطة في هذا المجال، نجد جمعية آباء وأصدقاء أطفال التوحد بالدار البيضاء، التي تقدم خدمات تعليمية وتأهيلية متخصصة للأطفال، إلى جانب جمعية “بسمة” للتوحد بطنجة، التي تسهر على دمج الأطفال في النظام التعليمي العادي، وتوفير دعم نفسي واجتماعي للأسر و جمعية بلسم بالقنيطرة التي تعمل جاهدة بالتحسيس بهدا المرض و مواكبة أسر المرضى.
و رغم الجهود الكبيرة التي تبذلها جمعيات المجتمع المدني، إلا أن التحديات لا تزال قائمة، حيث تطالب الجمعيات وأسر الأطفال المصابين بالتوحد بتوفير مراكز متخصصة للتشخيص والعلاج في جميع المدن المغربية و دمج الأطفال المصابين بالتوحد في المدارس العادية مع توفير دعم خاص لهم و تخفيض تكاليف العلاج والتأهيل، وجعلها في متناول جميع الأسرو تعزيز البحث العلمي حول التوحد، لتطوير أساليب علاجية وتأهيلية أكثر فعالية.
و ختاما يُعتبر اضطراب التوحد تحديًا صحيًا واجتماعيًا في المغرب، لكن بفضل الجهود المتواصلة لجمعيات المجتمع المدني، أصبح هناك وعي متزايد حول حقوق الأطفال المصابين بالتوحد واحتياجاتهم. ومع استمرار العمل المشترك بين الأسر، الجمعيات، والجهات الحكومية، يمكن تحسين واقع التوحد في المغرب، وضمان مستقبل أكثر إشراقًا للأطفال المصابين بهذا المرض.

كتبه / عبد الكامل بوكصة


شاهد أيضا
تعليقات
تعليقات الزوار
Loading...