مدير النشر
سعيد بندردكة
للتواصل هاتفيا
+212661491292
الثابت و الفاكس
+212537375252
الإيميل
[email protected]
مدير النشر
سعيد بندردكة
للتواصل هاتفيا
+212661491292
الثابت و الفاكس
+212537375252
الإيميل
[email protected]
القنيطرة اليوم ليست مدينة تنهض ببلدية مسؤولة، بل ساحة تجريب لعقلية تعتبر التدبير شأناً خاصاً، والمحاسبة نكتة ثقيلة، والنظافة رفاهية مؤجلة. واللافت في هذا المشهد أن رئيسة جماعة القنيطرة، السيدة مينة حروزة، لا ترى في كل هذا الانحدار ما يستحق القلق، وكأن المدينة تدار من مكانٍ بعيد لا تطاله النفايات، ولا تزعجه شكاوى المواطنين، ولا تعنيه الأرقام التي تنفلت من الميزانية مثل ماء بين الأصابع.
في صفقة واحدة، قفزنا من 35 إلى 65 مليون درهم لتدبير قطاع النظافة في منطقة المعمورة، دون أن تقفز معها جودة الخدمة، أو تظهر آليات جديدة تحترم شروط العقد. الفارق بين الرقمين ليس إنجازاً، بل لغز محاسباتي يستحق وقفة من عامل الإقليم، الذي يبدو أنه يفضل لعب دور المتفرج، رغم أن ما يجري يدخل في صلب اختصاصاته كسلطة رقابية وإدارية.
مينة حروزة، التي صعدت إلى رئاسة الجماعة تحت يافطة التغيير، تتصرف اليوم بعقلية تعتقد أن المساءلة إهانة، وأن افتحاص الصفقات طعن في الذمة. عقلية تُفضل “الترقيع” على المعالجة، و”الترضيات” على الشفافية، وتخاف من بند “الفسخ” أكثر مما تخاف من غضب ساكنة أنهكها التهميش.
العقد الجديد مع شركة “ميكومار”، مثلاً، جاء بتسقيفٍ للجزاءات لا يتجاوز 10%. وكأننا نُطوّق القانون لحماية الشركة لا المال العام. وحتى هذه النسبة الهزيلة، تم تجنب تفعيلها بشكل مريب، فقط لتفادي البند الذي يسمح بفسخ العقد عند تجاوزها. إنها حيلة لا تليق بمجلس منتخب، ولا برئيسة تُقسم على حماية مصالح السكان.
ثم ماذا عن المجلس الجهوي للحسابات؟ أليس من واجبه أن يتدخل حين يتحول التعاقد العمومي إلى آلة لتبديد المال، وحين تتكدس النفايات فوق عقود ذهبية؟ القنيطرة لا تحتاج فقط إلى تقارير، بل إلى افتحاص ميداني دقيق، يعرّي هذا التدبير المترهل، ويعيد تعريف العلاقة بين الأداء والكلفة، بين السلطة والمسؤولية.
وإذا كانت مينة حروزة ترى في صمت العامل غطاءً، وفي غياب المحاسبة حصانة، فإن سكان القنيطرة يرون في ذلك طعناً في كرامتهم اليومية، وخيانةً لثقتهم في المؤسسات. المدينة اليوم ليست بحاجة إلى شعارات، بل إلى رئيسة تدرك أن رئاسة الجماعة ليست سلطة رمزية، بل مسؤولية ملموسة تنعكس في نظافة الشارع، وشفافية العقود، واحترام المال العام.
نحتاج إلى وقفة حقيقية، لا ضد شخص، بل ضد منطق بات يرى في الجماعة غنيمة، وفي المواطن رقماً انتخابياً فقط. والمحاسبة، كما يليق بمدينة كانت عنوانًا للتحرر، تبدأ من مساءلة حروزة، ومطالبة العامل بقول كلمة الفصل، ودعوة المجلس الجهوي للحسابات لتذكير الجميع أن هذا المال ليس مالاً شخصياً، بل مال عمومي له حماة… أو هكذا يفترض.