مدير النشر
سعيد بندردكة
للتواصل هاتفيا
+212661491292
الثابت و الفاكس
+212537375252
الإيميل
[email protected]
مدير النشر
سعيد بندردكة
للتواصل هاتفيا
+212661491292
الثابت و الفاكس
+212537375252
الإيميل
[email protected]
حركة جيل Z 212 بالمغرب تشكل حالة احتجاجية تعكس صوت شباب يواجه أزمات مزمنة في الصحة والتعليم والشغل ومحاربة الفساد، وهي مطالب وليدة تجربة يومية حقيقية تعبر عن الإحباط الذي سببه تراجع الخدمات العمومية وفشل السياسات الإصلاحية.
قال الفيلسوف الفرنسي جورج سانتايانا: “الأمم التي تنسى ماضيها محكوم عليها بإعادة تكرار أخطائها.”
المغرب يحتاج اليوم، أكثر من أي وقت مضى، لأن يتعلم من دروس الماضي ويفتح باب الحوار الجاد مع هذا الجيل المحتج، دون قمع أو تهميش.
قال المستشار الفرنسي ألكسندر جوبي: “الخير العام لا يتحقق بإهمال الأغلبية من أجل مصالح أقلية.”
هذه الجملة تلخص الأزمة الأساسية التي يعيشها المغرب اليوم تحت قيادة حكومة أخنوش، التي تبدو وكأنها تحكم بناءا على مصالح ضيقة، مفرقة للوطن إلى بلدين: الأول يزدهر بمدينة وألعاب المونديال، والثاني يعاني في قرى عطشى ومستشفيات عاجزة، في تناقض صارخ مع خطاب الملك محمد السادس: “لا مكان اليوم ولا غدا لمغرب يسير بسرعتين.”
للمغرب ملك واحد ووطن واحد، لكن السياسات الحكومية الأخيرة تنفصل عن هذا المفهوم، وتوسع الهوة بين فئات المجتمع، مؤكدة واقعا مأساويا من التفاوت الاجتماعي والاقتصادي. فبينما يكتظ الحي الصناعي والعاصمة بالبنية التحتية، يقبع آلاف المغاربة في مناطق مهملة تفتقد لأبسط مقومات التعليم والصحة، في إساءة واضحة لحق المواطنة التي تؤكدها القوانين الوطنية والمواثيق الدولية.
في ظل هذا الواقع، خرج شباب جيل Z بالمغرب ليطالب بالكرامة والعدالة الاجتماعية، مطالب ليست بجديدة، بل هي تكرار لما أكد عليه الملك مرات ومرات في خطاباته السامية. لكن الرد الحكومي جاء صارما، مبنيا على القمع والتوقيفات، ما ينذر بنكسة ثقافية واجتماعية للديمقراطية. قال الفيلسوف جان جاك روسو: “الحرية هي القدرة على الفعل دون ضرر للغير.” قمع الأصوات الشبابية لا ينفع الوطن بل يزيد فيه الانقسام ويعمق الأزمة.
أخطر ما يقع اليوم هو أن الحكومة لا تنفذ، أو تتجاهل، التوجيهات الملكية التي تعزز التضامن والعدالة، وتركز على مشاريع كبيرة لكنها منفصلة عن واقع المواطن البسيط. هذه الحكومة تخاطر بفقدان شرعيتها الوطنية، لأن الشرعية لا تُبنى فقط على الانتخابات، بل على قدرة الحاكم على تحسين حياة الناس والاستجابة لحاجاتهم الحقيقية.
على المغرب أن يدرك أن الوحدة الوطنية لا تتجزأ، وأن الاستقرار لا يقوم على التمييز بل على العدل الاجتماعي. كما قال ابن رشد: “العدل أساس الملك.” من هنا، يتطلب الأمر حكومة تتنصت لصوت الشعب وتنفذ الإصلاحات بشجاعة، لتحقق رؤية ملكية تستهدف مغرباً موحداً متضامنا، وليس مجرد طيفين يتصارعان على البسط والاستثناء.
من جهة ثانية يأتي دور الإعلام هنا كفاعل محوري، فهو مرآة المجتمع ورافد أساسي للوعي الجماعي؛ فعلى الإعلام أن يكون أداة بناء لا محرضة على الانقسام أو تضخيم الخطاب الأمني فقط. كما وضح مفكر الإعلام مارشال ماكلوهان: “وسيلة الإعلام هي الرسالة نفسها.” فإذا بقي الإعلام يكرر نفس الخطاب الرسمي الذي يضع الاحتجاجات في خانة تهديدات أمنية أو تدخلات خارجية دون تحليل عميق لجذور الأزمة، فإنه يساهم في زيادة تهميش الشباب وتعميق الهوة بين الدولة والمجتمع. يجب أن يعمل الإعلام على نقل صورة حقيقية وموضوعية عن مطالب الشباب وواقعهم، مع احترام حق التعبير والسعي لنشر ثقافة الحوار والتفاهم.
إن الصمت أو القمع لن يحل الأزمة، بل يجب أن تواكبها إرساء ثقافة مواطنة تضمن الحقوق الاجتماعية والسياسية، كما قال الفيلسوف إيمانويل كانط: “الحرية الحقيقية لا تكمن في الحرية من القيود فقط، بل في القدرة على العيش في كرامة واحترام.” من هنا يأتي أهمية الإصلاحات الاجتماعية العميقة التي تضع الإنسان في صلب السياسة والتنمية، بعيدا عن أية أجندات تضغط على الحريات أو تهمل المطالب الأساسية.
في النهاية، الاعتراف بحركة جيل Z 212 كصرخة شرعية يعبر عنها الشباب في ظل واقع معقد هو الخطوة الأولى لإطلاق إصلاحات حقيقية لا سقف لها، وتفعيل أدوار الإعلام بكل مسؤولية لضمان مسار تواصلي بناء يفضي إلى الاستقرار والتنمية.
إن مستقبل المغرب الموحد مرهون بقدرة الحكومة على التغير والتفاعل مع مطالب المواطنين، فالاستمرار في نهج التفرقة سيقود حتما إلى مزيد من التوتر، وربما استقطاب أعمق في المجتمع. هل ستقدر الحكومة على الاستجابة وإعادة بناء الثقة، أم ستبقى أوراقها خضراء… فقط على الورق؟