القنيطرة :حين يصبح الأمن غائبًا على مرمى حجر من مقره..شارع الاستقلال تحت رحمة الفوضى
شارك
في قلب المدينة، حيث يُفترض أن تسود الطمأنينة وتُفرض هيبة القانون، تعيش ساكنة شارع الاستقلال وضعًا أقل ما يُقال عنه إنه عبثٌ أمني مفضوح. وعلى بُعد خطوات معدودة من المديرية الإقليمية للأمن الوطني، يجد السكان أنفسهم كل ليلة أسرى لجحيم من الضوضاء والفوضى، يتزعمه السُّكارى وأصحاب الدراجات النارية الذين حوّلوا الشارع إلى مسرح مفتوح للفلتان والسلوك المنحرف.
الليالي هناك ليست للنوم ولا للسكينة، بل هي لحرب نفسية تُشن على السكان، نساءً وأطفالًا وشيوخًا، ممن ضاقوا ذرعًا بتكرار الصراخ، والتشاجرات، والاستعراضات المزعجة لعربات تنفث الرعب قبل العادم. وتزداد المأساة قتامة حين تنعدم الاستجابة الأمنية، وتغيب الدوريات عن مسرح الفوضى، كأن هذا الشارع خارج عن خريطة المراقبة أو أنه خُصّ بمنطق غضّ الطرف.
المفارقة التي لا تُصدق، أن المديرية الإقليمية للأمن، برمزيتها وموقعها، لا تبعد سوى أمتار معدودة عن هذه الفوضى اليومية، ما يجعل سؤال المسؤولية مطروحًا بإلحاح: هل هو غياب في الرؤية الأمنية؟ أم استهتار بمعاناة الساكنة؟ أم أن صوت المواطن لم يعد يُسمع حتى وهو يصرخ تحت النوافذ الرسمية؟
الأمن ليس شعارات تُردَّد، ولا بيانات تُصاغ على الورق، بل هو حضور فعلي وفاعل في حياة الناس، وإلا فلا معنى لأي مؤسسة أمنية لا تحمي محيطها المباشر. إن التستر على هذا الوضع، أو الاكتفاء بالمراقبة الباردة من بعيد، ليس فقط تقصيرًا مهنيًا، بل هو خيانة لمفهوم الأمان الذي من المفترض أن يُجسِّده الزي الرسمي.
الساكنة اليوم لا تطلب امتيازًا، بل حقًا بسيطًا يكفله الدستور وتقرّه إنسانيتهم: أن يناموا بسلام، ويستيقظوا دون خوف، في شارع يقع على مرمى حجر من مركز من المفترض أن يكون حصنًا لحمايتهم. وإذا كانت المؤسسات الأمنية عاجزة عن فرض النظام في محيطها، فكيف نطمئن لقدرتها في باقي تراب المدينة؟