مدير النشر
سعيد بندردكة
للتواصل هاتفيا
+212661491292
الثابت و الفاكس
+212537375252
الإيميل
[email protected]
مدير النشر
سعيد بندردكة
للتواصل هاتفيا
+212661491292
الثابت و الفاكس
+212537375252
الإيميل
[email protected]
آخر خبر
في خطوة وُصفت بالمفصلية في تدبير العلاقة بين الدولة والمجتمع، كشفت مصادر مطلعة أن وزارة الداخلية عممت، مساء البارحة، توجيهات جديدة على مختلف مصالحها الترابية، تدعو إلى التعامل بمرونة أكبر مع الوقفات والمسيرات السلمية التي تعرفها مجموعة من المدن المغربية.
وبحسب المعطيات المتوفرة، فإن هذه التعليمات تنص على عدم تدخل القوات العمومية أثناء الاحتجاجات السلمية، إلا في الحالات التي تخرج عن إطارها القانوني، أو تشهد أعمال تخريب أو اعتداء على الممتلكات العامة والخاصة. وهو ما يُترجم خياراً رسمياً جديداً يقوم على التهدئة وضبط النفس بدل المقاربة الأمنية الصارمة.
وتشير مصادرنا إلى أن هذا التوجه الجديد جاء في سياق تصاعد موجة الاحتجاجات الشعبية بعدة مدن، ما استدعى مراجعة طريقة التعاطي معها. فبدل اللجوء إلى التدخل المباشر أو تفريق المحتجين بالقوة، تراهن الداخلية على خيار المراقبة عن قرب، وفتح المجال أمام حرية التعبير، على أن يظل التدخل الأمني مقيداً فقط بالحالات القصوى، خصوصاً إذا تعلق الأمر بالمس بسلامة الأشخاص أو تهديد الأمن العام.
هذا القرار، وفق مراقبين، يعكس إرادة رسمية في إعادة رسم العلاقة بين الشارع والمؤسسات على قاعدة جديدة أساسها التواصل والحوار، مع منح المواطنين مساحات أوسع للتعبير عن مطالبهم بشكل سلمي، وهو ما قد يسهم في نزع فتيل التوتر والحد من أي انزلاقات غير محسوبة.
وتؤكد التعليمات الجديدة أن احترام الحق في التظاهر السلمي ليس خياراً ظرفياً، بل هو مكسب دستوري راسخ ينبغي حمايته وصيانته. غير أنها في الوقت ذاته تحذر من محاولات استغلال الوقفات وتحويلها إلى أعمال عنف أو شغب قد تسيء إلى روح الاحتجاج السلمي، وهو ما يجعل المسؤولية مشتركة بين الدولة والمتظاهرين على حد سواء.
فإذا كانت الداخلية قد اختارت أن تمنح الأولوية للمقاربة المرنة، فإن على المحتجين، بالمقابل، أن يلتزموا بقواعد الانضباط والسلمية، حتى لا تضيع الرسالة الأساسية لتحركاتهم وسط ضجيج الفوضى.
ويرى متابعون أن هذه التعليمات تمثل تحولاً نوعياً في تعامل الدولة مع الحركات الاحتجاجية، إذ تبتعد عن منطق الصدام الذي ميز بعض المحطات السابقة، وتتجه نحو ترسيخ ثقافة الاعتراف والإنصات. وهو تحول من شأنه أن يفتح المجال أمام دينامية جديدة، تجعل من الشارع شريكاً في النقاش العمومي، بدل أن يُنظر إليه باعتباره مصدر تهديد.
ومن المرتقب أن تشكل هذه الخطوة أرضية خصبة لإعادة بناء الثقة بين الشارع والمؤسسات، خاصة إذا ما رافقتها مبادرات عملية للحوار الجاد والاستجابة لبعض المطالب المشروعة.