مدير النشر
سعيد بندردكة
للتواصل هاتفيا
+212661491292
الثابت و الفاكس
+212537375252
الإيميل
[email protected]
مدير النشر
سعيد بندردكة
للتواصل هاتفيا
+212661491292
الثابت و الفاكس
+212537375252
الإيميل
[email protected]
استمرار التدمير الممنهج والنسف المنظم
قد تكون الحرب الطاحنة على قطاع غزة قد توقفت، وانتهت الغارات اليومية الجوية العنيفة، وتوقفت المسيرات الآلية المفخخة، وتراجعت حدة عمليات القصف المدفعي، وتوقف عداد الشهداء اليومي والجرحى، لكن العدو الإسرائيلي الذي لا زال موجوداً بكامل آلياته العسكرية خلف الخط الأصفر في 53% من مساحة قطاع غزة، ما زال يطلق النار على المواطنين الذين يقتربون من الخط الأصفر، التي هي مناطقهم التي كانوا فيها وأجبروا على الخروج منها، وفيها بيوتهم ومساكنهم أو ما تبقى منها، فيقتل بعضهم رغم أنهم لا يشكلون خطراً عليه، حيث يبدو عليهم من بعيد وإذا اقتربوا، أنهم أطفالٌ ونساءٌ وشيوخٌ وشبانٌ، مدنيون نازحون عابرون، ولا يحملون معهم غير ما استطاعوا الحفاظ عليه من فراشٍ ومواعين.
ما زال جيش العدو يصر على ارتكاب المزيد من جرائمه رغم إعلان انتهاء الحرب، والاتفاق على خطة ترامب للسلام، والتزام قوى المقاومة الفلسطينية وحركة حماس بها، ومباشرة تنفيذهم الأمين والدقيق لبنود مرحلتها الأولى، لكنه يتحجج ويخلق الأعذار ويخرق الاتفاق ولا يلتزم ببنوده، فيقصف ويطلق النيران غزيرةً على جموع الفلسطينيين فيقتل بعضهم ويصيب آخرين بجراحٍ، وكأنه يريد العودة إلى الحرب واستئناف العدوان السافر، بعد أن استعاد أسراه الأحياء وأغلب جثامين قتلاه، الذين ما كان ليستعيدهم بالقوة لولا الاتفاق، وبالحرب لولا المفاوضات، ومع ذلك فهو يدعي أنه حقق أهداف الحرب التي أعلن عنها.
لكن الجريمة الكبرى التي ما زال العدو يمارسها بصمتٍ وبعيداً عن الأضواء، فهي تلك التي ينفذها في المناطق التي يسيطر عليها شرق القطاع وجنوبه، حيث تقوم وحداته العسكرية الهندسية وغيرها، بعمليات تدميرٍ ممنهجٍ ومنظم لما بقي من مباني ومنشآت الفلسطينيين في المنطقة، حيث تعمل جرافاته الضخمة فيها ليل نهارٍ، تهدم وتجرف، وتقوم وحداته الهندسية بتفخيخ المباني وتفجيرها، ويحتفي الجنود بمشاهد التفجير والتدمير، ويتباهون بنقل صورها ومظاهر ابتهاجهم بها، ويرسلون مقاطع الفيديو التي توثق جرائمهم إلى عائلاتهم وأصدقائهم، وإلى بعض وسائل الإعلام الإسرائيلية التي تنشرها وتعلق عليها.
لا يكتفي العدو الإسرائيلي بتكليف جيشه الهمجي بتدمير ما بقي من المساكن والبيوت والمساجد والمدارس والأسواق والمحال التجارية وغيرها، وإنما يسمح للمستوطنين بممارسة هواياتهم المريضة ورغباتهم الخبيثة والمساهمة بأنفسهم في عمليات النسف والتدمير، والهدم والتجريف، فضلاً عن شركاتٍ أخرى، إسرائيلية ودولية، تمتلك معداتٍ وآلياتٍ ضخمة، تعاقدت مع جيش العدو على القيام بأوسع عملية تدمير وتخريب في مناطق القطاع التي يسيطر عليها، ولعل الصور الفضائية التي تلتقط على مدى الساعة لهذه المناطق تبين بوضوحٍ حجم التغيير اليومي الحادث فيها، نتيجة عمليات النسف والتدمير والجرف والهدم والتخريب.
ربما كانت مدينتا رفح وخانيونس وبلداتهما الشرقية، وأحياء الشجاعية وتل المنطار والصبرة والزيتون ومناطق الشريط الشرقي كلها على امتداد الخط الفاصل، هي من أكثر المناطق التي تتعرض لعمليات النسف والتدمير الممنهج، وكأن العدو يسابق الزمن ويتحدى المجتمع الدولي قبل استحقاقات المرحلة الثانية، التي ستفرض عليه الانسحاب من كامل أرجاء قطاع غزة، فأخذ يعمل بجنونٍ على تدمير كل مظاهر الحياة في المنطقة، ليجعل العودة إليها صعبة والحياة فيها مستحيلة، خاصةً في موسم الشتاء الذي بدأت تباشيره، وأخذت نذره تحذر من صعوبة الحياة في المنطقة، التي أصبح أغلبها ركام مبانٍ، وتلال رمالٍ، وشوارع محفرة، وأكوام قمامة ونفاياتٍ مبعثرة ومنتشرة في كل مكان.
أو كأنه ينفذ اتفاقاً سرياً ربما لا نعلمه، بينه وبين الإدارة الأمريكية، وقد يكون هذا هو الأرجح، يخلي فيها المنطقة التي يسيطر عليها خلف الخط الأصفر من السكان، ويدمر ما بقي فيها من مبانٍ، تمهيداً للبدء في مشاريع إعمار وإسكان منظمة، تخضع لقوانين وضوابط أمنية صارمة، يشرف عليها الكيان وحلفاؤه، وتنفذها القوات الدولية المنوي انتشارها في القطاع، وخلال فترة إعادة الإعمار فيها يحشر المواطنون في المناطق الأخرى قبل انتقالهم إلى المناطق المعمرة، بالشروط الأمنية الجديدة، التي تراعي المصالح الإسرائيلية، وتجور كثيراً على الفلسطينيين وحقوقهم، وتقيد حريتهم، وتحرمهم من حقهم في الحياة الكريمة في أرضهم وفوق تراب وطنهم.
يتبع ……
