مدير النشر
سعيد بندردكة
للتواصل هاتفيا
+212661491292
الثابت و الفاكس
+212537375252
الإيميل
[email protected]
مدير النشر
سعيد بندردكة
للتواصل هاتفيا
+212661491292
الثابت و الفاكس
+212537375252
الإيميل
[email protected]
العرائش / آخر خبر
من جماعة عياشة الهادئة، التي تحولت ليوم واحد إلى مركز اهتمام وطني، أعطى وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، أحمد البواري، الانطلاقة الرسمية للحملة الفلاحية 2026/2025. انطلاقة جاءت في ظرفية دقيقة يعيشها القطاع منذ سبع سنوات من الجفاف المتواصل، وتذبذب في التساقطات، وارتفاع مقلق لتكاليف الإنتاج.
لكن خلف الأرقام الإيجابية التي أعلنها الوزير، يبرز سؤال جوهري: إلى أي حد يمكن لهذه الإجراءات أن تعيد للقطاع توازنه وسط أزمة مائية ممتدة؟
بحسب الأرقام الرسمية، حقق القطاع الفلاحي نموا يقارب 6% مقارنة بالموسم السابق. كما ارتفع الإنتاج الحبوب بنسبة 39% ليصل إلى أكثر من 43 مليون قنطار. أما أشجار الزيتون فحققت قفزة غير مسبوقة بنسبة 111%، بإنتاج قدره 2 مليون طن، إضافة إلى ارتفاع إنتاج الحوامض والتمور.
هذه الأرقام، وإن بدت مشجعة، تطرح أسئلة لدى عدد من الفاعلين الفلاحيين الذين التقيناهم في المنطقة.
يقول حسن الجباري، فلاح من سيدي اليماني:
«الارتفاع موجود،لكن يجب أن نعرف أنه نتيجة تحسن محدود في التساقطات ببعض الجهات وليس انفراجا حقيقيا. مازلنا نشتغل تحت ضغط كلفة الإنتاج والجفاف.»
الوزير البواري اعترف بأن الوضع المائي يشكل أكبر تحد. فالسدود الموجهة للري لا توفر سوى 8% من الحاجيات، ما أجبر الوزارة على فرض قيود مشددة في عدد من الأحواض، وتعليق الري في مناطق أخرى إلى حين تحسن المخزون.
في إقليم العرائش، حيث يوجد حوض اللكوس، بدت المساحات الخضراء أفضل نسبيا مقارنة بباقي المناطق، لكن الفلاحين يتخوفون من أي تراجع في التساقطات بعد يناير.
يؤكد أحد التقنيين العاملين في مكتب الاستشارة الفلاحية:
«من دون حلول هيكلية،مثل تحلية المياه وتحسين نظم تخزين السدود، سنبقى في حالة هشاشة كل موسم.»
أحد أبرز محاور العرض الوزاري كان برنامج إعادة تكوين القطيع الوطني، بتكلفة 12.8 مليار درهم. وقد وصل عدد رؤوس الماشية المسجلة إلى 32.8 مليون رأس، مع استفادة 600 ألف مربي من دعم يفوق 2.5 مليار درهم حتى الآن.
في جماعة نكاشة، التقينا مربي ماشية قال:
«الدعم وصل،وهذا جيد. لكن أسعار الأعلاف ماتزال مرتفعة جدا،والدعم يجب أن يكون مستمر اًوليس ظرفيا فقط.»
ورغم تطور عملية “تحليق” (ترقيم) المواشي والبدء بصرف الدفعات الأولى من الدعم، يرى خبراء أن البرنامج يحتاج إلى تسريع الوتيرة حتى لا يفقد أثره مع بداية موسم البرد.
ضمن رؤية “الجيل الأخضر”، أعلنت الوزارة عن برنامج للزرع المباشر على 400 ألف هكتار هذا الموسم، بهدف بلوغ مليون هكتار سنة 2030. وتم بالفعل اقتناء 235 باذرة زرع مباشر لفائدة التعاونيات.
خلال الزيارة الميدانية لسيدي اليماني، شدد المسؤولون على أهمية هذه التقنية في خفض استهلاك الماء والرفع من مردودية الحبوب. إلا أن عددا من الفلاحين يؤكدون عدم وجود تكوين كاف حول كيفية استعمال هذه الآليات الحديثة.
«هناك معدات جديدة،لكن كثيرامن الفلاحين لايعرفون تشغيلها. يجب موازاة الدعم بالتمكين والتكوين.» يقول فلاح آخر من جماعة عياشة.
رافق إطلاق الحملة توقيع اتفاقيات لتزويد التعاونيات بآليات الزرع المباشر، إضافة إلى افتتاح وحدة لاستخراج زيت الزيتون. وهي خطوات إيجابية في اتجاه دعم الفلاح الصغير.
لكن الفلاحين في القرى التي تمت زيارتها يتساءلون:
هل ستنعكس هذه الإجراءات سريعا على مردودهم خلال هذا الموسم؟
وهل تكفي هذه التدابير لمواجهة الجفاف وارتفاع تكاليف الإنتاج؟
في حديث جانبي مع فلاحين بالقرب من نكاشة، قال أحدهم:
«البرامج مهمة جدا،لكن نتائجهاتظهرعلىالمدىالبعيد. نحن بحاجة إلى حلول مستعجلة للماء والعلف والأسمدة.»
بين المعطيات الرسمية الطموحة والواقع الميداني الذي يرزح تحت ضغط الجفاف، تبدو الحملة الفلاحية 2026/2025 اختبارا حقيقيا لقدرة المغرب على الحفاظ على توازن قطاع يشكل أحد أعمدة الاقتصاد الوطني.
ففي الوقت الذي تعول فيه الوزارة على تحسن التساقطات وتطبيق إجراءات “الجيل الأخضر”، يظل الفلاحون ينتظرون حلولا أسرع وأكثر فعالية لخفض كلفة الإنتاج وتجاوز شح المياه.
وحتى حلول فصل الربيع، سيبقى السؤال مفتوحا:
هل ستنجح هذه الحملة في تحويل الأرقام المعلنة إلى واقع ملموس… أم سيبقى القطاع في دائرة الهشاشة.؟
