مدير النشر
سعيد بندردكة
للتواصل هاتفيا
+212661549296 +212661491292
الثابت و الفاكس
+212537375252
الإيميل
[email protected]
مدير النشر
سعيد بندردكة
للتواصل هاتفيا
+212661549296 +212661491292
الثابت و الفاكس
+212537375252
الإيميل
[email protected]
قطاع غير مهيكل ،لاعقود عمل ،ولاتأمينات صحية، ولا تقاعد
سيدي قاسم: أشرف العزوزي
زارت جريدة “أخبارالوطن” مناطق مختلفة من إقليم سيدي قاسم الذي يقع على مساحة تقدربحوالي 4060 كلم مربع ،والذي يتمتع بأجود الأراضي الفلاحية الخصبة، وذلك قصد الوقوف على واقع النساء العاملات بالميدان الفلاحي ،ضيعات تخفي وراء أشجارها المثمرة قصصا وحكايات تعكس واقع نسوة منسيات.
معاناة كثيرة ومتشابهة تعيشها النساء العاملات في ضيعات الممتدة بإقليم سيدي قاسم قاسمها المشترك هو الفقر والتهميش والإستغلال والتحرش الجنسي والخوف من المستقبل المجهول بالنسبة إليهن،أراضي تغرس ومحاصيل تجنى و ثروات تتكدس على حساب عرق النساء المقصيات والمحرومات من أبسط حقوقهن .نساء من مختلف الأعمار،بوجوه مقنعة ،يحملن أكياس وقفف تختزن في غالب الأحيان قطع خبز حافية وحبات زيتون وزجاجة شاي بارد لا يسمن ولا يغني من جوع ينتظرن ويترقبن بعيون جاحظة وقلوب زائغة مجيئ صاحب ضيعة فلاحية لينقلهن خلف جراره بثمن بخس من طلوع الشمس إلى مغيبها
كسر جدار الصمت
مئات من القاصرات والشابات و الحوامل والعجائز دفعتهن ظروفهن الصعبة وضنك العيش إلى الإشتغال في ضيعات فلاحية بأجور زهيدة في قطاع غير مهيكل لاعقود عمل فيه ولا تأمينات صحية ولا تقاعد يضمن لهن الحياة الكريمة في أرذل العمر،نساء أردن كسر جدار الصمت والتحدث عن حياتهن وعن بعض معاناتهن اليومية لجريدة “أخبارالوطن” وكلهن أمل أن يجدن آذان صاغية وقلوب رحيمة تنتشلهن من بؤسهن وتشاطرهن همهن وشقائهن ولو بالدعاء،فضلت بعضهن الإدلاء بتصريحات تحث أسماء مستعارة.
“عائشة” و زوجة الأب
“عائشة” فتاة لم يتجاوز سنها السادسة عشر ربيعا انقطعت عن الدراسة في سن مبكر مباشرة بعد وفاة والدتها وزواج أبيها من امرأة أخرى،عانت كثيرا من قسوة زوجة الأب والتي كانت سببا مباشرا في انقطاعها عن الدراسة و الزج بها مبكرا في سوق الشغل للإعانة على مصروف البيت،تقول إن العمل في الضيعات متعب جدا وغير قار،بحيث تضطر للتوجه يوميا رفقة زميلاتها “بنات الدوار” إلى “الموقف” قبل الساعة السابعة صباحا للإنتظار أصحاب الضيعات الذين هم في حاجة لأيدي عاملة، إلا أن سعيهن قد لا يوفق دائما خاصة إذا كان الجو ممطرا،وحتى إن ظفرن بعمل فالأجرة تبقى هزيلة لا تفي بمتطلبات الحياة اليومية “شنو غادا تقضي ليك 40 درهم فهاد الوقت قدام هاذ التكرفيص لي كنشوفوه اخويا” بالإضافة إلى المضايقات والتحرشات الجنسية التي تصدر من “الكابرانات” وأحيانا من أصحاب الضيعات
“فاطمة تضع لثاما ” وحكايةالاغتصاب
“فاطمة” إمرأة في عقدها الثالث تضع لثاما تخفي فيه وجهها لا يظهر منه سوى عينان شاحبتان تسترجعان مرارة وألم الحياة.قدمت من مدينة توجد بجنوب المغرب بعد أن تركت أسرتها دون سابق إشعار بسبب تعرضها للاغتصاب من طرف أحد أقاربها ،ففضلت الهروب بدل خلق مشاكل قد لا يحمد عقباها،تشتغل بالضيعات الفلاحية منذ أزيد من 12سنة، قالت “أنا محرومة من كل حقوق العيش الكريم فالعمل في الضيعات الفلاحية موسمي وغير قار كما أن أجره زهيد جدا مقارنة مع الساعات الطوال التي نشتغلها تحت قسوة البرد في فصل الشتاء أو حر الشمس في فصل الصيف “واش غادي نعمل الله يحسن العوان وصافي”
” السعدية” لم ينلها من السعد إلا الإسم
“السعدية” امرأة في عقدها الخامس إلا أنها تبدو أكبر من سنها بكثير لم ينلها من السعد إلا الإسم،وجهها رسم عليه الكثير من ملامح الحزن والاستسلام ،عينان شاحبتان تقلبهما يمنة ويسرة علها تقع على صاحب ضيعة تعرفه لتتوسل إليه لكي يرضى أن يضمها إلى لائحة العاملات اللواتي وقع عليهن الإختيار،”السعدية” أو مي السعدية كما تناديها العاملات اللاتي يعرفنها،اشتغلت في الضيعات الفلاحية أزيد من 25 سنة فهي التي تكفلت بالعمل ورعاية أبنائها الصغار بعد وفاة زوجها بمرض عضال لم ينفع معه علاج.عانت بعد رحيله الأمرين في تربية طفليها إلى أن اشتد عودهما فأنكرا الجميل وقابلا التضحية بالجحود،حيث تركاها في الوقت الذي أصبحت في حاجة ماسة إلى من يعيلها بعد أن كبرت في السن وبات أصحاب الضيعات و”الكابرانات” يتفادونها ويتجنبون تشغيلها.حيث صرحت بألم ” الله يديرها للولاد لي خواو بيا،مين كنت بصحتي كنت تنلقى الخدمة،ودابا الغالب الله”
“رقية”عناء العمل ومشقة الحمل
“رقية” زوجة في ربيعها التاسع عشر إضطرت للخروج إلى سوق العمل في الضيعات بعد أن حوكم زوجها بالسجن إثر تورطه في شجار مع أحد الأشخاص نتج عنه عاهة مستديمة .قالت أنها وجدت صعوبة كبيرة في العمل خلال الشهر الأول قبل أن تعتاد عليه ،إلا أن ما يزيد من معاناتها هو التقلبات النفسية التي تعرفها المرأة نتيجة الحمل و التحرشات الجنسية التي ضاقت منها درعا من طرف “الكابرانات” حينما يعلمون بأن زوجها يقضي حكما بالسجن.و المأساة الحقيقية آتية حينما تقترب شهور الوضع”شكون غادي يخدم عليا مين نولد”
“رحمة”مطلقة وأم لثلاثة أطفال
“رحمة” مطلقة في عقدها الرابع تقول بأنها ضحية والديها اللذان أجبراها على الزواج من شخص لا تريده،ومع استحالة العشرة بينها وبين زوجها فضلت الطلاق وخرجت بذلك إلى سوق العمل.إلا أن العمل في الضيعات الفلاحية حسب رأيها يبقى غير كافيا لسد رمق العيش باعتباره عملا موسميا ولا يتعدى أجره 50درهم في اليوم في أحسن الظروف وليست هناك أي تعويضات على الأطفال”الله يوقف معيا غير فوجه نكبر ولادي”.
معاناة متشابهة
قصص ومعاناة كثيرة ومتشابهة تعيشها النساء العاملات في ضيعات الممتدة بإقليم سيدي قاسم قاسمها المشترك هو الفقر والتهميش والإستغلال والتحرش الجنسي والخوف من المستقبل المجهول بالنسبة إليهن،أراضي تغرس ومحاصيل تجنى و ثروات تتكدس على حساب عرق النساء المقصيات والمحرومات من أبسط حقوقهن .نساء من مختلف الأعمار،بوجوه مقنعة ،يحملن أكياس وقفف تختزن في غالب الأحيان قطع خبز حافية وحبات زيتون وزجاجة شاي بارد لا يسمن ولا يغني من جوع ينتظرن ويترقبن بعيون جاحظة وقلوب زائغة مجيئ صاحب ضيعة فلاحية لينقلهن خلف جراره بثمن بخس من طلوع الشمس إلى مغيبها،نساء أبيات آثرن العيش بعرق جبينهن بأنفة وعزة وشرف فانطبقت عليهن قولة “تجوع الحرة ولا تأكل بثديها”.