مدير النشر
سعيد بندردكة
للتواصل هاتفيا
+212661549296 +212661491292
الثابت و الفاكس
+212537375252
الإيميل
[email protected]
مدير النشر
سعيد بندردكة
للتواصل هاتفيا
+212661549296 +212661491292
الثابت و الفاكس
+212537375252
الإيميل
[email protected]
إن الفلاحة المغربية ظلت وما تزال هشة « Aléatoire »، غير مؤهلة ولم تستطع السياسات (التدخلات)المتعاقبة للدولة خلال ما يقرب من 50 سنة من تحقيق الأمن الغذائي للشعب المغربي وتجاوز المعيقات التي تعرقل التنمية الفلاحية.
فبالإضافة إلى المعيقات المناخية التي تضع ما يقرب من 90 % من الأراضي الصالحة للزراعة تحت رحمة التساقطات المطرية القليلة وغير المنتظمة والمعيقات العقارية المتسمة بالتوزيع غير العادل للأراضي وتواجد الأنظمة المعرقلة للاستغلال والحجم الصغير للأغلبية الساحقة من المستغلات وبالتالي كثرة الفلاحين الصغار الذين يكدحون في ظروف قاسية لينتجوا بالكاد ما يبقيهم على قيد الحياة.
بالإضافة إلى هذه المعيقات هناك معيقات اجتماعية وثقافية مرتبطة بالمجال القروي والإنسان القروي الذي يعيش القهر والتخلف والأمية في ظل غياب البنيات التحتية والتجهيزات الضرورية التي تتطلبها الحياة الكريمة (الصحة، التعليم، الماء، الكهرباء، الطرق،…) واستمرار الديمقراطية المزيفة التي تحرم الفلاحين الكادحين من أخد الكلمة والحد من سيطرة المستغلين والسماسرة وكبار الملاكين.
بهذه المميزات وفي ظل هذا الوضع تدخل الفلاحة المغربية السوق العالمية وتنخرط في سياسة العولمة من باب الشراكة مع أوربا الموحدة واتفاقية التبادل الحر مع الولايات المتحدة الأمريكية بعد أن عانت ما زالت تعاني من الآثار السلبية لسياسات التقويم الهيكلي التي فرضتها الدوائر المالية الإمبريالية منذ أواسط الثمانينات.
إن التحديات التي توجه الفلاحة المغربية حاليا كبيرة جدا تستوجب استنهاض وتعبئة كل الطاقات في إطار استراتيجية تنموية واضحة المعالم واقتصاد متين وسوق داخلية قوية. وللدولة المغربية المسؤولية الأولى والأساسية لتطوير الفلاحة وتنمية القطاع لتحقيق الأمن الغذائي والتعامل مع هذا الأخير مثل الأمن العسكري حيث لا يمكن أن نتصور ضمان الاستقلال والحرية لبلادنا إذا كنا نستورد العساكر للدفاع عنا !
ولمقاربة هذه التحديات سنقتصر على الإشارة إلى نقطتين:
◙ الأولى تتعلق بالتبادل الحر مع الولايات المتحدة الأمريكية
◙ الثانية تخص أوضاع بعض المؤسسات العمومية الفلاحية باعتبارها الآليات الأساسية لتأطير القطاع الفلاحي وتنميته.
I/ التبادل الحر مع الولايات المتحدة:
إذا استعرضنا مميزات القطاع الفلاحي المغربي (50 % كساكنة قروية، تقنيات متخلفة، مردودية ضعيفة، …) والقطاع الفلاحي الأمريكي (الساكنة القروية تساوي 1 %، ضيعات كبيرة، مردودية أكبر منا ب 10 مرات) والسياسات الفلاحية المتبعة في كلا البلدين (يصل الدعم المباشر للفلاح الأمريكي إلى 40 % من دخله الإجمالي) والفوارق الشاسعة التي تميز القطاعين سواء على مستوى الإمكانيات أو الإنتاجية يمكن أن نسجل بشكل بديهي صعوبة تأهيل الفلاحة المغربية خلال المدة التي تخولها الاتفاقية (15 سنة) من مواجهة منافسة الإنتاج الفلاحي المدعم بشكل كبير من طرف الدولة مما يشكل خطورة على الأمن الغذائي للشعب المغربي بصفة خاصة وعلى العالم القروي بصفة عامة.
واستنادا إلى المعطيات المتوفرة (الاتفاقية تمت في غياب إشراك المعنيين بالأمر) وإلى الظروف التي أحاطت بتوقيع الاتفاقية يتضح أن هذه الأخيرة أتت إلى جانب الشراكة مع أوروبا لتعمق تبعية اقتصادنا وتؤكد احتكار سوقنا من طرف الولايات المتحدة الأمريكية ودول أوروبا.
II/ المنشآت العمومية
يعتبر القطاع الفلاحي من المجالات التنموية التي اعتمدت بشكل كبير على المنشآت العمومية لتأطير ومساعدة الفلاح المغربي وتنمية الفلاحة وما العدد الكبير لهذه المؤسسات إلا دليل على ذلك.
ولنتساءل إذن عن وضعية هذه المنشآت وهل مازالت تلعب الدور الذي وجدت من أجله أم أنها تحتضر تحت وطأة الليبيرالية المتوحشة واقتصاد السوق؟ إن المتتبع للسياسة الاقتصادية المتبعة في بلادنا سيجيب لا محالة أن القطاع العمومي سائر في طريق الانقراض في جميع الميادين تحت هجمة الخوصصة وتحرير الأسواق.
ولنوضح أكثر وضعية المؤسسات العمومية بالقطاع الفلاحي لنتوقف بتركيز عند البعض منها والتي لعبت ومن المفروض أن تلعب الدور التنموي المنوط بها ويتعلق الأمر ب:
أ- المكاتب الجهوية للاستثمار الفلاحي المنوط بها تأطير الأراضي المسقية.
ب- مراكز الأشغال الفلاحية المتواجدة عبر التراب الوطني (122 مركز) لتأطير الفلاحة في الأراضي البورية.
ج- شركتي سوجيطا وصوديا اللتان مارستا الاستغلال المباشر لأراضي الدولة.
د- شركة تسويق البذور المختارة المسؤولة على ضمان البذور المختارة وتوزيعها على الفلاحين عبر التراب الوطني.
شركة بيوفارما المتخصصة في إنتاج الأدوية الحيوانية.
1- المكاتب الجهوية للاستثمار الفلاحي
عددها 9، من مهامها تأطير الفلاحة السقوية التي تمثل ما يقارب 10% من المساحة الإجمالية وتسيير التجهيزات المائية وتوزيع الماء على الفلاحين.
تعيش هذه المؤسسات التنموية في ظل السياسة الاقتصادية الليبيرالية التي ينهجها المغرب محاولة لتقزيم دورها بالتقليل من مواردها سنة بعد سنة وتهييئ مناخ تصفيتها بفصل مهام التأطير عن مهام توزيع الماء التي يروج وسط وزارة الفلاحة أنها ستمنح للخواص في إطار ما يسمى ب”التدبير المستقل لخدمة الماء بالمناطق السقوية” وإمعانا في تهيئ ظروف التصفية نلاحظ سوء التدبير الذي تعرفه المكاتب الجهوية والمتمثل في التقلص المستمر لتغطية مستحقات المياه الموزعة على الفلاحين وقد قدر ضعف مستوى تحصيل متأخرات مياه الري، حسب الدوائر الرسمية، ب 467 مليون درهم في آخر سنة 2003. وتمثل منطقتي الغرب واللكوس أكبر المناطق التي لا تسترجع مستحقات المياه. وتجدر الإشارة إلى أن هذه المناطق يتواجد فيها أكبر الملاكين العقاريين وأكثرهم نفوذا.
2– مراكز الأشغال الفلاحية:
عددها 122، تغطي كافة المناطق البورية، أنشأت أساسا لتأطير الفلاحين وإشاعة التقنيات الحديثة في الزراعة.
تعيش الآن تهميشا فظيعا على كافة المستويات. قلة الإمكانيات وغياب الموارد البشرية خاصيتان أساسيتان لهذه المراكز التي نعتبر أن المسؤولين عن القطاع الفلاحي رغم إقرارهم بأهميتها لا يفعلون شيئا لإنقاذها بل يتركونها ليفعل بها الزمن فعلته وتنقرض رويدا رويدا.
3- شركتي صوديا وسوجيطا:
اهتمت بالاستغلال المباشر لجزء من الأراضي المسترجعة، رغم طاقتها والإمكانيات المخولة لها، جرها التسيير الفاسد وجشع المفسدين وتبذير المال العام إلى سكتة قلبية نتج عنها تسريح ومغادرة 3474 مستخدم وعامل. إن ما يسمى بإعادة الهيكلة نعتبره، رغم كل المبررات، مخططا لتصفية الشركتين وتفويت أراضيهما للخواص.
4– شركة تسويق البذور المختارة:
شركة عمومية تعنى بتسويق البذور المختارة وإيصالها إلى الفلاحين في جميع المناطق. إسمها مدرج في لائحة الخوصصة ممايعني تصفيتها وتسريح مستخدميها ووضع البذور المختارة، كمادة استراتيجية، تحت رحمة الجشع الرأسمالي الذي يبتغي الربح بكل الوسائل المتاحة.
5– شركة بيو فارما:
متخصصة في إنتاج أدوية المواشي تستفيد من إنتاجها مجموعة من الدول الإفريقية. تلعب دورا استراتيجيا في الوقاية من الأمراض الحيوانية الخطيرة في إطار مهمة عمومية تخدم مصلحة المواطنين والشعب المغربي بصفة عامة.
تم إدراجها في لائحة الخوصصة والنتيجة، في اعتقادنا، ستكون كارثية إذا انسحبت الدولة من هذا القطاع الهام والخطير.
محمد هاكاش