مدير النشر
سعيد بندردكة
للتواصل هاتفيا
+212661549296 +212661491292
الثابت و الفاكس
+212537375252
الإيميل
[email protected]
مدير النشر
سعيد بندردكة
للتواصل هاتفيا
+212661549296 +212661491292
الثابت و الفاكس
+212537375252
الإيميل
[email protected]
ليلة الجمعة، الثامن عشر من شتنبر،على الساعة الحادية عشرة،وإحدى عشر دقيقة بالتوقيت المحلي،عرفت المملكة المغربية هزة عنيفة وصلت إلى سبع درجات على سلم ريختر،حسب المركز الوطني للبحث العلمي والتقني،خلفت هلعا كبيرا بين السكان الذين اضطروا أن يغادروا منازلهم، ويبيتوا ليلتهم بدون أفرشة أو أغطية، في الشوارع،وفي الحدائق القريبة المجاورة،و الفضاءات الأخرى الخالية من الأشجار والبنايات واعمدة الكهرباء،خوفا من لحظة زلزالية أخرى قد تؤدي الى ما هو أفظع وأشد هولا،وأصابتهم حالة شديدة من الذهول والصمت،وحدها قلوبهم كانت تلهج بالدعاء للباري عز وجل ،بأن ينزل رحمته ولطفه على البلد الطيب الحبيب،ويخفف عنهم قضاءه وقدره،ويكون معهم في هذه الفاجعة التي باغتتهم على حين غرة،وأدت إلى انقطاع التيار الكهربائي في بعض المناطق والأحياء، إضافة إلى أن ضعف شبكة التواصل، وانقطاع الشابكة العالمية( شبكة الانترنيت) على الأغلبية،جعل الناس يصلون إلى أشد مراحل الاضطراب والارتباك والخوف والهلع والتوتر .
هذه الهزة الأرضية التي تعتبر الأقوى والأعنف في تاريخ المغرب، حسب ما أوردته هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية،والذي لم يشهد المغرب لها مثيلا منذ العام 1900،خلفت خسائر بشرية ومادية جسيمة،نقلتها وسائل الإعلام المغربية والعربية والدولية بتفاصيلها المرعبة والمهولة،كما سلطت الضوء على مخلفات الزلزال الذي قضى على بعض القرى في أعالي جبال الأطلس، وحولها إلى مقابر جماعية، وخاصة منطقة إغيل التي كانت بؤرة الزلزال،وبعض المناطق المحيطة بها،وأضحت ليلة الثامن من شتنبر ليلة سوداء لن ينساها المغرب، ولن تنساها العوائل التي دمر الزلزال مساكنها،وفجعها في ابنائها وأقاربها وجيرانها وكل أحبابها،خاصة في منطقة الحوز، كقرية إغيل مركز الزلزال التي انهارت كل مساكنها ،ولم يبق سوى صورة المسجد، التي التقطتها عدسات الكاميرات، وتناقلتها وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي على نطاق واسع،وقرية تفغاغت التي دمرها الزلزال كليا،ومناطق مولاي ابراهيم وآسني وأمزميز وثلاث نيعقوب وغيرها،ووصلت قوة الزلزال العنيف إلى مدينة مراكش التي تقع على بعد حوالي 71 كلم من بؤرة الزلزال،وضرب الزلزال أيضا أقاليم اخرى، مثل شيشاوة،أزيلال،تارودانت، وورززات،ووصل إلى مدن أكادير،الصويرة، اليوسفية،دمنات،الدار البيضاء الكبرى،الرباط العاصمة،سلا ، المحمدية ونواحيها،القنيطرة ومكناس،كما حرك أيضا بعض المدن المغربية البعيدة التي شعرت بهزات خفيفة،متفاوتة الارتدادات.
الزلزال الذي أودى بحياة أكثر من ألفي شخص، وخلف آلاف الجرحى حسب آخر الإحصائيات التي نقلتها الجهات المسؤولة، في انتظار الحصيلة النهائية الرسمية التي ستعلنها السلطات فيما بعد،يعتبر زلزالا عنيفا مميتا، مرعبا ومخيفا، حيث سمع دوي مخيف مفزع،مع تحرك المنازل ورجات الجدران،كدوي القنابل والمتفجرات والمفرقعات،أصاب الكبار والصغار بهلع كبير شديد، وأحدث شرخا في نفوس الكل،وخاصة الأطفال الصغار الذين كانوا شاهدي عيان على الحدث،والآخرين الذين كانوا في موقع النازلة الصادمة،شاهدين على مآسي الدمار وهول الفاجعة،وكانوا بالضبط على مقربة من أهاليهم وهم يموتون امام أعينهم، آباء وأمهات وجدات وعمات واجدادا وأخوالا وأعماما، وأصدقاءهم الصغار ورفقاء الطفولة والمدرسة،ولم يكونوا يملكون حينها سوى البكاء والعويل في ذهول فظيع، ورعب قاتل،مع دهشة كبيرة لاتسمن ولا تغني من جوع،وهم الذين كانوا يفتحون عيونهم الصغيرة الجميلة قبل الفاجعة المأساة، على سماء صافية زرقاء، وجبال عالية،واودية جميلة جارية، ومناطق خضراء،ومرتفعات مملوءة بأشجار اللوز والجوز والتفاح،ومنبسطات عطرية تفوح منها رائحة الأعشاب البرية المتعددة الأشكال والأنواع، تحمل إليهم الجمال في ابهى صوره وأجمل تجلياته،يعيشون كل ليلة على أحلام لذيذة تعدهم بالسعادة والفرح، وتبشرهم بالمستقبل السعيد الجميل.
كل هذا الجمال المغري،وكل تلك الاحلام الجميلة الوردية المنعشة،تحول ليلة الثامن من شتنبر إلى فاجعة حقيقية وكارثة مدمرة، اغتالت أحلامهم البريئة،وأتت على الأخضر واليابس،وحولت مساكنهم الطينية الحمراء إلى أنقاض في ثواني معدودات ،فباتوا لايلوون على شيء،وتمثل أمام عيونهم الصغيرة حجم المأساة،وصور الموت التي وقفوا امامها عاجزين لايستطيعون معها شيئا.
إنها الكارثة المأساة،والزلزال الفاجعة الذي حول ليل المغرب إلى ليلة ليلاء،ارتفع فيها الصراخ والعويل،وهرول فيها المهرولون في كل الاتجاهات بعد أن تركوا منازلهم وكل مايمتلكون،لايفكرون إلا في النجاة والهرب مما نزل عليهم ،في لحظة لم تكن في الحسبان،ولم تكن لتمر بالذاكرة ولو كطيف خفيف او سحابة صيف عابرة.
حجم الدمار الذي عم منطقة إقليم الحوز بالضبط،والمناطق المجاورة،جعل المغاربة يهبون في أريحية كبيرة لتقديم يد العون والمساعدة ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا، رغم وعورة التضاريس، ووعورة المسالك الجبلية، خصوصا بعد ان عرفت المناطق المتضررة باقليم الحوز بعض التصدعات الجبلية،وانهيارات صخرية على مستوى بعض الطرقات أدى إلى قطع المواصلات لبضع ساعات …يتبع.