Afterheaderads-desktop

Afterheaderads-desktop

Afterheader-mobile

Afterheader-mobile

ارحمو من في الأرض يرحمكم من في السماء

يؤدي المواطن ثمن الأزمات الصحية، والحروب العالمية، وتقلبات الأسواق، وفشل البرامج الحكومية حيث أن غلاء الأسعار ألهب جيوب الآباء، والأمهات، وأولياء الأمور. وقلة ذات اليد أشعلت الرؤوس شيبا، وجففت ثدي المرضعات، وسرقت الابتسامة من وجوه متعبة، تخفي حزنا عميقا، واندهاشا من صعوبة الوضع.
وأضحت أيامنا أحلاما مزعجة،بل حقيقة طاحنة، ورحى تدور وتحطم كبرياء الرجال، وتجبرهم أحيانا على الجثو متوسلين ومتسولين للقروض أو المساعدات لإطعام أفواه جائعة.

حالات إنسانية لا تعد ولا تحصى لآباء وأمهات ضعفت نفوسهم واختاروا وضع الحد لحياتهم، ومعها معاناتهم. ليستريحوا إلى الأبد من الهم الذي لا يزول، والغم المقترن بكل تفاصيل الحياة.

أسر كان مصيرها الفراق والشتات، والسبب دائما صعوبة مجابهة ضغط المعيش اليومي، أطفال يعانون من كل أشكال العنف الأسري، سواء المادي أو المعنوي، فآباؤهم استنفذوا آخر ذرة صبر، ولم يعد بإمكانهم أن يتحملوا أدنى هفوة من فلذات أكبادهم.
في المنازل الوضع بلغ أشده، وأدنى شرارة تفجر معها حوارات ساخنة، ومناقشات بأصوات مرتفعة، احتوت كل عبارات التنكيل، وفجأة وبدون سبب، أو لأي سبب، يتحول الأب أو الأم لوحش كاسر، أو عفريت مخيف جاحظ العينين. وما يفعل ذلك وهو في كامل شعوره وقواه العقلية، بل هو لهيب الأسعار.
لا شك أن الصحة عموما تؤدي ثمنا باهضا، والصحة النفسية على وجه الخصوص. فعبارات مثل “القناعة كنز لا يفنى” لم تعد مجدية أمام إعصار مهلك، يجتث أكثر الأشجار صلابة. والنتائج تفشي داء السكري وأمراض الضغط وجرائم أسرية يندى لها الجبين.
وكلما نجا أحدهم من موجة كبيرة إلا ووجد نفسه أمام أخرى عاتية، تليها أختها الفارعة الطول، والغرق يتربص بضحايا بحر ارتفاع الأسعار.

أين البرامج الاجتماعية؟ أين مساعدات العاطلين عن العمل ؟ أين الدواء والعلاج ؟ أين مساعدة المسؤولين عن الأطفال، أو ذوي الاحتياجات الخاصة؟ هل ستأتي بها السيارات الفارهة التي اشترتها بعض الجماعات والمجالس الجهوية؟ أم سوف ننالها بعد الفوز بكأس العالم القطرية ؟

مع ذلك، فحاجة الفقراء هذه الأيام هي فرصة أمام الأثرياء من أجل التعبير عن أسمى معاني الوطنية من خلال التخفيف عن ضعفاء القوم، والوقوف بجانبهم في هذه المحنة العالمية.
وهناك مثل مغربي يقول : “العامر يكب على الخاوي”.
بالإضافة إلى أن الأثرياء لا يمكن أن يستغنو عن الفقراء، فهؤلاء سوق استهلاكية مهمة وعامل أساسي في صناعة ثروة الأثرياء. كما أنهم يؤدون وظائف لا يقوى عليها غيرهم.
فإن لم يقنعكم جانب المساعدة، فيمكن اعتبار المسألة مقابلة المعروف بالمعروف وجزاء الإحسان بالإحسان. وخلق التوازن من أجل الاستمرار والاستقرار.
ارحمو من في الأرض يرحمكم من في السماء.


شاهد أيضا
تعليقات
تعليقات الزوار
Loading...