قصر العدالة الشرقي على صفيح ساخن..لجان تفتيش قضائية رفيعة المستوى تحل بوجدة..فتح تحقيقات في ملفات شهيرة طالها الفساد و تورطت بها أسماء ذات مناصب حساسة..العدل يأخذ مجراه نحو الشرق..

ترددت أصداء داخل أروقة محاكم الجهة الشرقية تفيد أنه على مدى الأسبوع المنصرم كان قصر العدالة بوجدة مسرحا للبحث و التمحيص، بعد أن حلت به لجنة من المفتشية العامة للشؤون القضائية التي تم إحداثها بموجب القانون 21/38 المتعلق بالتفتيش القضائي الذي يروم أساسا الرفع من النجاعة القضائية و جودة و تحسين الآداء القضائي و رصد الاختلالات و المعيقات التي تحول دون ذلك .

و المتتبع لشؤون القضاء بالجهة الشرقية يعلم بما لا شك فيه أن هناك الكثير من هذه المعيقات التي حالت دون البث بشكل سوي في عدة ملفات و بروز أسماء ملفات معينة خلقت الجدل و حامت حولها أسئلة كثيرة من بينها ملف ( ورثة الصحيح المكي) و (ورثة بوكراع) و أهم ملف حاليا بهذه الجهة هو ملف لحسن عبادي الذي ورد إسمه في أربع ملفات قضائية، الأول يتعلق بملف ورثة بوجمعة عبادي و الثاني بملف يواجه فيه لحسن عبادي محامي بهيئة المحامون بوجدة و هو محامي الخصم في ذات الآن،  و الملف الثالث يقاضي فيه لحسن عبادي مؤسسة القرض الفلاحي و اثنين من موظفيها، و الملف الرابع يواجه فيه لحسن عبادي أخيه محمد في قضية شيك بقيمة 650 مليون سنتيم، إضافة إلى مجموعة شكايات وضعها لحسن عبادي أمام رئاسة النيابة العامة و المديرية العامة للأمن الوطني كما راسل وسيط المملكة بشأن ما يلاقيه ملفه من معيقات بل وصل الحد بهذا المواطن القادم من هولندا إلى اللجوء لملك البلاد و رفع ملتمس إلى جلالته للنظر في قضيته.

اتصلنا بالسيد لحسن عبادي لسؤاله عن تطورات ملفه و إن كانت لجنة المفتشية العامة للشؤون القضائية التي حلت بقصر العدالة الشرقي قد اطلعت على ملفه و استجابت للشكايات، و أكد لنا لحسن عبادي أنه لا يملك أية معلومات حول الموضوع، إلا أنه استبشر خيرا بحلول هذه اللجنة رفيعة المستوى مشيرا إلى ثقته الكبيرة في الجسم القضائي المغربي و إن كان بعض المتطفلين عليه لا يؤدون الأمانة كما يجب فهذا لا يعني أن الجميع فاسدون، و حين سألناه عن الأسماء الواردة في شكاياته، لم نتفاجأ كثيرا لا بمناصبهم و لا بالمسؤوليات التي يتقلدونها، فكما يتغلغل الفساد داخل كل مجال و لا يسلم منه رئيس ولا مرؤوس ، فإن يد العدالة كذلك تطال الفساد و تجتثه من جذوره مهما بلغ عمقها، و خير دليل على ذلك ما نطالعه يوميا بالمحاكم من تقديم أسماء معروفة أمام القضاء رفقة كل المتورطين معها دون استثناء، زمن :”الفرعون” ولى و حل عهد العدل و إحقاق الحق، المغرب الجديد يتقدم بثبات بخطوات إصلاح جذري تنظف المسار من الشوائب و العفن.

و نود بهذه المناسبة أن ننبه هذه اللجان القضائية، أن ليس كل المواطنين يملكون الجرأة و الشجاعة و الفهم لتقديم شكاياتهم و تظلماتهم، إما أن من سبق لهذه الخطوات قد تمت عرقلته و لم يحصل على حقه كما يجب، أو أنهم يتعرضون للترهيب و التخويف باستغلال البعض للسلطة لفعل ذلك، أو أنهم عديمي الحيلة و تحول بينهم و بين حقهم قلة ذات اليد، لذلك في حال حلول لجان التفتيش نقترح خلق خلايا مؤقتة للتواصل المباشر مع المواطنين و التعامل مع شكاياتهم، و نؤكد على خلايا “مؤقتة”، حتى لا نترك مجالا لجيوب الفساد في استغلال هذه الخلايا لصالحها، هذه الحالات التي ذكرنا عن المواطنين كثيرة خاصة في المناطق البعيدة عن المركز و التي نادرا ما تحل بها لجان تفتيش مثل الجهة الشرقية، و حين نحل بهذه المنطقة و نسمع من مواطن ما عما يتعرض له، و نسأله إذا ما وضع شكاية أمام الجهات المختصة، تلك اللحظة بالذات يظهر الانكسار و البؤس جليا في الوجوه، كيف لي أن أشتكي و المشتكى به يشبه الأخطبوط ينشر أعوانه في كل مكان، و لا قِبَل لي به، “الشكوى لله” هكذا أغلب الردود، و ندعو المواطن هنا إلى اللجوء إلى الإعلام باعتباره سلطة رابعة لمساعدتهم في كشف الفساد و رفع الظلم و الجميع في خدمة العدالة، و ذلك في حدود الصلاحيات التي يمنحها لنا القانون، و على المواطن ألا يسكت على الظلم و يبذل قصارى جهده و يطرق كافة الأبواب لإنصافه و حصوله على حقه.

في حال استمرار صمته، هنا نحمل المسؤولية في الغالب للمواطن فالساكت عن الحق شيطان أخرس، و لا يعني هذا أننا نعفي الجهات المسؤولة من واجبها و هو التفتيش الدوري خاصة المفاجيء منه دون انتظار الشكايات، و الأخذ بعين الاعتبار طبيعة المناطق و بعدها عن العاصمة و عزلتها جزئيا، و بالضبط تلك التي نجد بعض المسؤولين قد عمرو بها طويلا فوق كراسيهم دون أن يتم نقلهم رغم ما يحوم حولهم من قيل و قال، و حتى و إن تم تغييرهم لا يبتعدون كثيرا، للأسف يتم نقلهم إلى مكان في نفس المحيط و تستمر :”فرعنتهم “.

ملف لحسن عبادي لم تعد به تعقيدات كما في بدايته، خاصة أنه حصل على أدلة قوية و كشف في مسيرة بحثه عن براءته عن اختلالات جسيمة و معيقات واضحة تعرضت لها قضيته، و الجهة التي ستبحث في شكاياته ستجدها مرفوقة بما يكفي من وثائق و إشارات قد تدين الأطراف المشتكى بها. و نكرر أن ثقتنا في القضاء لا تشوبها شائبة و لكن السؤال هل هذه الأدلة ستؤخذ بعين الاعتبار و تطيح بالأسماء المذكورة في الشكايات فعليا، أم أن اعتبارات أخرى قد تتحكم في وضع القواعد.

نتوخى خيرا خاصة مع وجود المذكرة التي وقعها المجلس الأعلى للقضاء و رئاسة النيابة العامة و المجلس الأعلى للحسابات للتعاون حول محاربة الفساد و تنزيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، و نعتبر حلول هذه اللجنة بقصر العدالة الشرقي و ما سيليها من لجان بداية للإطاحة بعهد فاسد أغرق هذه الجهة الغالية من المغرب في بحر من الظلم و المحسوبية و استغلال السلطة و تضليل العدالة، و إنهاء بؤس و معاناة المواطن الشرقي، و الزج بالفاسدين في السجون عبرة لكل من خولت له نفسه المساس بالعدالة ، تشرئب الأعناق و تجف الحلوق لا محالة بقصر العدالة الشرقي خاصة من دنسوا أيديهم بالظلم و “الحكرة”.

كتبتها/ منى الحاج داهي


شاهد أيضا
تعليقات
تعليقات الزوار
Loading...