القرض الفلاحي يرفض منح زبون وثائق شخصية تثبت براءته و تنقذه من السجن..و الأخير يلجأ للقضاء الدولي لفضح تلاعبات بعض المسؤولين و تورطهم في حجب الحقائق و خداع القضاء..

ما المدى الذي يمكن ان يصل إليه مواطن مغربي في أثناء سعيه للحصول على وثائق شخصية يحتاجها بشدة لإثبات براءته امام المحكمة خاصة انه مهدد بعقوبة سجنية تصل إلى سنتين و خسارة مبلغ مالي يفوق النصف مليار سنتيم، و غرامة مالية بملايين السنتيمات، ربما يبدو الأمر بسيطا، وثائق شخصية يمكن الحصول عليها من خلال طلبها شفهيا او تقديم طلب خطي للجهة التي تحتفظ بها، لكن في الحقيقة اصبح امرا مستحيلا في بلادنا رغم ما نص عليه القانون المغربي بأنه لا يحق لأحد أو شخص أو مؤسسة أو غيرها، أن يحرم شخصا في حقه الحصول على المعلومات الخاصة به، لأنه الأولى بها من غيره. و إذا كان الدستور يمنح للمواطنين حق الحصول على المعلومة العامة ، ولا يجوز منعه منها، إلا ما استثناه القانون، بل افرد لها قانون خاص بالحق في الحصول على المعلومة، فبالأحرى أن يتعلق الأمر بمعلومات خاصة بالمعني بالأمر.

لكن هناك حالات حرم منها شخص من الحصول على وثائق تخصه و موضوع اليوم هو  أحد نماذجها، و نتتبع و إياكم فصول جديدة من ملف “محاكم بركان ” قضية لحسن عبادي نموذجا و وفاءا بوعدنا الذي قطعناه على انفسنا و هو الكشف عن كل خيوط هذه القضية و فك لغز من وراء وضع العراقيل لإخراج أطوار القضية عن المسار العادل و المنصف،  و لن نتوقف حتى ننشر أسماء المتورطين و الوثائق التي تدينهم خاصة بعد الأدلة القاطعة التي توصل لها لحسن عبادي بمساعدة مجموعة من الأشخاص الذين يؤمنون ببراءته و يبذلون الجهد الكبير لإثباتها.

لا بأس ان نذكر القاريء بالمحطات التي مر بها لحسن عبادي في سعيه للحصول على وثيقتين مهمتين ستبرئانه من تهمة “شيك بدون مؤونة”، الوثيقتين هما التوقيع النموذجي أو ما يصطلح عليه spécimen أو cartoon و قسيمة تمرير الشيك او ما يصطلح عليه باللغة الأجنبية Bordereau d’envoi.

و سبب إصرار المعني بالأمر على الحصول على هاتين الوثيقتين بالذات انه متأكد بل يجزم انه تم إخفاء او التخلص من spécimen حتى لا يفضح المتورطين في سرقة و تزوير إمضاء لحسن عبادي على الشيك موضوع القضية ( قيمة الشيك 650 مليون سنتيم)،لأن توقيع لحسن عبادي في spécimen مخالف تماما للتوقيع الموجود على الشيك، إضافة إلى أنه متأكد أن Bordereau d’envoi غير موجود لأن الشيك حسب قوله لم يمر بالنظام المعلوماتي (système )، و السؤال المحير ما الذي أو من الذي يمنع مؤسسة القرض الفلاحي من منح وثيقتين لزبون يحتاجها بشكل استعجالي و مصيري لتبرئة نفسه امام القضاء؟، و في حال ضياع او إتلاف وثائق الزبون لماذا لا تتم محاسبة المتورطين بدل سلك طرق تضليلية تجعل الزبون يدور في حلقات مفرغة من المساطر التي تنتهي به في طريق مسدود.

لحسن عبادي منذ لحظة إخباره أن أخاه محمد عبادي تقدم إلى وكالة القرض الفلاحي بشيك يخص لحسن عبادي بقيمة ستمائة و خمسون مليون سنتيم، قام بأول خطوة حيث قدم شكاية لدى وكيل الملك تفيد أن الشيك مسروق و التوقيع مزور، (وكيل الملك السابق ببركان حميد القريشي)، ……بقيت الشكاية محفوظة مدة شهر و ما يزيد لدى وكيل الملك دون أن يحرك المساطر المفروضة في مثل هاته الحالات…و بعد  إلحاح لحسن عبادي طلب “القريشي” من وكالة القرض الفلاحي ببركان أن تمنحه صورة لكل من spécimen و لظهر الشيك أو ما يصطلح عليه recto_verso، إلا أن الوكالة رفضت طلبه، بحجة انتظار إذن أو ترخيص من الإدارة المركزية،و هو ما صرح به المدير السابق لوكالة القرض الفلاحي المتواجدة بشارع مولاي عبدالله بمدينة بركان( عبد اللطيف لكادا) في محضر رسمي  نملك نسخة منه، من الغريب فعلا أن مدير وكالة لا يملك الصلاحيات الكافية لمنح وثيقتين شخصيتين لزبون، رغم انه يمكنه منح قروض و تأجيل سداد الاقساط و غيرها من المعاملات الحساسة و الكبيرة.

فيما بعد انتقلت عناصر الشرطة إلى الوكالة البنكية المذكورة لمعاينة الوثائق المطلوبة إلا انها اعتمدت تصريحات مدير الوكالة دون الإطلاع على الوثائق و هي المهمة الاصلية الموكولة لهم،(نملك نسخة من محضر المعاينة).نفس المدير (الذي قدم استقالته فيما بعد) اكد ان الوثائق كلها أخذتها الإدارة المركزية، كما انتقل إلى الوكالة أكثر من مفوض قضائي بأمر من رئيس المحكمة جميعهم أوكلت لهم مهمة واحدة و هي الإطلاع او إحضار نسخة من التوقيع النموذجي spécimen و Bordereau d’envoi و كلهم عادو خاويي الوفاض.

لم يتوقف لحسن عبادي هنا، بل قام بطرق ابواب أخرى و راسل بنك المغرب و نائب المدير العام للقرض الفلاحي و المدير الجهوي و مدير الوكالة، كل هاته المراسلات لأجل طلب بسيط و هو الحصول على نسخ من وثيقتين تخصانه، قوبلت مراسلات لحسن عبادي إما بالرفض او المماطلة في الرد او عدم الإستجابة أو تحميل طرف آخر المسؤولية و التملص من طلبه. و في نهاية المطاف منحته الوكالة وثيقة أخرى fiche d’ouverture de compte personne physique على أنها spécimen، مما أكد شكوكه بعدم امتلاك الوكالة للتوقيع النموذجي للزبون و الشيك موضوع النزاع لم يتم تمرير معاملات إستصداره من النظام المعلوماتي.

زاد التصعيد في هذه القضية، بعد لجوء لحسن عبادي إلى القضاء لمواجهة القرض الفلاحي و وضع ملفه أمام المحكمة التجارية، حيث سجل المقال في فاتح نونبر 2021،و اتخذت الشكليات المعتادة مسارها من خلال تعيين القاضي المكلف بعدها تم التأخير ثلاث مرات بطلب من محامي القرض الفلاحي الأولى في 25/11/2021 و الثانية بتاريخ 16/12/2021 و الثالثة بتاريخ 06/01/2022 و في الجلسة التي دخل فيها الملف للمداولة اعلن عن تغيير القاضي ، و قرر القاضي الجديد رفض طلب لحسن عبادي و تحميله الصائر و حتى يكون الامر اكثر وضوحا للقاريء، فقد تم رفض طلب حصول مواطن من مؤسسة مالية على وثيقتين شخصيتين تخصانه يحتاجهما لتبرئة نفسه امام القضاء.

نعود إلى ترتيب بعض الأحداث  التي تؤكد غموض مصير الوثائق التي يطالب بها لحسن عبادي فإما انها ضاعت او ان هناك جهة ما تصر على إخفائها ، لأنه لحد كتابة هذه الأسطر لا توجد جهة رسمية واحدة تؤكد إطلاعها او امتلاكها ل spécimen أو Bordereau d’envoi ، الشرطة التي انتقلت الى الوكالة لم يرد في تقريرها انها اطلعت على هاته الوثائق، المفوضين القضائيين لم يعاينوها او يحصلوا على نسخة منها،  الخبير الذي قارن بين توقيع لحسن عبادي على الشيك و التوقيع النموذجي إما أنه يجهل شكل spécimen أو أنه لا يعرف ترجمة الكلمة من اللغة الأجنبية إلى اللغة العربية، فحسب الخبرة التي قام بها و التي نملك نسخة منها فقد أقر انه انتقل الى الوكالة البنكية و اطلع على التوقيع النموذجي، إلا أن الوثيقة الموجودة في ملف الخبرة ليست spécimen إنما هي fiche d’ouverture de compte personne physique، كما أنه قام باقتطاع جزء من الوثيقة الأخيرة و لصقها على أنها التوقيع النموذجي مما جعل تقرير الخبرة التي قام بها موضوع شكاية و طعن امام القضاء.

إضافة إلى هذا نستغرب ان القرض الفلاحي لحد الساعة لم يبرر او يكشف بشكل واضح و مباشر سبب رفضه منح لحسن عبادي نسخة من spécimen و Bordereau d’envoi،

فإذا كانت المحكمة التجارية بمكناس سبق ان انتصرت لورثة حيث قررت أنه لا يحق للبنك الاحتجاج بالسر المهني “يحق للوريث الاطلاع على حساب مورثه”، فبماذا احتجت وكالة القرض الفلاحي في حرمانها زبون من وثائقه الشخصية خاصة في ظرف طاريء ينقذه من براثن السجن سنتين، شح المطر و شح المعقول هكذا صرح لنا لحسن عبادي الذي اكد لنا انه سيلجأ للقضاء الدولي لمواجهة بنك القرض الفلاحي و قد بدأ الإجراءات فعليا، كما اكد لنا أنه اوقف كل مشاريعه و لم يعد له هدف سوى إثبات براءته و سجن كل متورط في ملفه مستشهدا في ذلك بجمل من الخطاب الملكي الذي ربط فيه جلالة الملك المسؤولية بالمحاسبة فإما ان يقوم المسؤولون بمهامهم كاملة او ينسحبوا فالمغرب له نساؤه و رجاله الصادقون و لكن هذا الواقع لا يمكن أن يستمر.

كتبته/ منى الحاج داهي


شاهد أيضا
تعليقات
تعليقات الزوار
Loading...