Afterheaderads-desktop

Afterheaderads-desktop

Afterheader-mobile

Afterheader-mobile

إلى السيد رئيس الحكومة المقبل بقلم: عبد الهادي مزراري..

بداية يستحق الشعب المغربي التهنئة على انتخابات يوم 8 شتنبر ، ومعها التحية إلى حزب التجمع الوطني للأحرار ، الذي تصدر النتائج، محدثا بذلك انعطافا نحو أفق جديد.

لهذه الانتخابات أثر إيجابي على المغرب على الصعيدين الداخلي والخارجي، إذا سارت الأمور المرتبطة بها في السياق الصحيح.

خارجيا، أثبت المغرب تميزه على المستويين الإقليمي والدولي بالثبات على منهجه في التغيير بالطرق السلسة والهادئة، ففي الوقت الذي تتعرض فيه دول في الجوار إلى الانقلابات والصدامات وتزوير الانتخابات، فضلا عن الظروف الكالحة والمفلسة، التي تسببت فيها الكوارث الطبيعية الصحية، وفي مقدمتها جائحة كورونا، استطاع المغرب أن يكون في الموعد، وأجرى انتخاباته المحلية والجهوية والتشريعية، في ظل أكبر نسبة من المشاركة، بلغت 50،18 في المائة.

تشهد على هذا الانجاز، تصريحات مسؤولين كبار في الدول الكبرى، قدموا تهانيهم إلى المملكة، فضلا عن تقارير دولية أشادت بالمسار الديموقراطي في المغرب.

داخليا، نجح المغرب في تحريك مياه البركة باستعمال “أسلوب جديد” في تحفيز النخابين للقيام بدورهم في رسم آفاق جديدة للسياسة في البلاد.

لمعرفة “الأسلوب الجديد”، وفهمه لا بد من إلقاء نظرة على الحزب الذي تصدر نتائج الانتخابات، وهو حزب التجمع الوطني للأحرار. وهنا يوجد مربط الفرس، حيث يطرح السؤال ما هو الجديد الذي يقدمه هذا الحزب للمغاربة؟

لتقديم الجواب المقنع لا بد من التزام الحياد والموضوعية، وتسمية الأمور بمسمياتها، بعيدا عن الحسابات السياسية والاعتبارات الذاتية.

بكل بساطة إن المعطيات التي تفسر نجاح هذا الحزب هي المعطيات نفسها التي تفسر السقوط المدوي لحزب العدالة والتنمية. ومن هنا يجب أن توجه الرسالة مع العبرة بكل موضوعية إلى السيد رئيس الحكومة الجديد.

لم يستوعب أعضاء بارزون في حزب المصباح كيف انطفأت شعلتهم بهذه السرعة، فيما أغلب التوقعات كانت ترشح بقاء حزبهم على الأقل ضمن الأربعة الأوائل، فإذا به يندحر إلى أسفل اللائحة ب 13 مقعدا لا تؤهله حتى إلى تشكيل فريق برلماني.

في الوقت الذي اعتمد فيه حزب العدالة والتنمية على كثلته من المناضلين الأوفياء، كان قد فقد نسبة مهمة من المتعاطفين معه بسبب وضعيته المريحة التي استمتع بها لمدة عقد كامل في السلطة وقيادة الحكومة، وراكم سلسلة من الأخطاء نالت من شعبيته، تارة بسبب تصرفات مسؤولين في الحزب خدشت الحياء، وانتهكت الأعراض، وتارة بسبب قرارات هوجاء اتخدتها الحكومة بقيادتهم مست الناس في قوتهم اليومي.

في الوقت الذي كان قياديو العدالة والتنمية يصطادون أخطاء رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار ، ويوجهون المدفعية الثقيلة صوب معاقله، كان حزب الحمامة بقيادة عزيز اخنوش يبحث عن أعشاش جديدة لتفريخ بيض الحمامة، وكان يكثف اتصالاته بالشباب والنساء، وهي الشريحة الاجتماعية، التي قلبت النتيجة لصالحه.

في الوقت الذي كان قياديو حزب العدالة والتنمية يلوحون بالخطاب الأخلاقي، (تصرفات بعضهم أظهرت النقيض)، ويتكئون على عكازة الدين (تصرفات بعضهم كشفت الحرام)، كان زعيم حزب التجمع الوطني للأحرار منهمك في تحويل الحزب من مؤسسة سياسية إلى مقاولة اقتصادية (إدارة السياسة بعقلية رجل الاقتصاد).

نال عزيز أخنوش من الضرب ما لم ينله الطبل يوم العيد، حتى اتهمه كبير العدالة والتنمية عبد الإله بنكيران بأنه لا يصلح للسياسة، معللا تهمته بكل بساطة “إنه مجرد رجل أعمال”.

هذه الصفة ساعدت أخنوش أكثر مما أضرت به، وذلك بكل بساطة، لأن آذان الجماهير لم يعد يطربها ما هو سياسي. أصبح مرادف السياسي في التفكير الشعبي يعني الشخص الكذاب والمحتال، ومرادف رجل الأعمال هو الشخص صاحب المصلحة.

كثير من الناس أصبحوا يؤمنون بأن التغيير ممكن مع رجل مصلحة ومستحيل مع رجل كذاب ومحتال.

انتخاب رجل الاعمال الأمريكي دونلد ترامب في الولايات المتحدة، صار علامة فارقة في تاريخ الممارسة السياسية، حتى بعد انقضاء ولايته، وانتصار جون بايدن عليه في انتخابات نونبر 2020، ما زالت ظاهرة الترامبية هي التي تقود الإدارة الأمريكية.

لم تعد الإديولوجية عمودا فقريا في جسم السياسة، ولم تعد الجماهيير تعير مسامعها للخطباء الذبن يعتلون المنابر، وإنما أصبحت العلاقات معادلة رقمية.

من هنا يجب توجيه رسالة أخرى إلى السيد رئيس الحكومة الجديدة، لكي يضع في الاعتبار أن الوعد دين، وأنه سلك طريقا مختلفا عن باقي الأحزاب الأخرى، التي تعتمد على مرجعيات بعضها ديني، وبعضها إديولوجي، وبعضها تاريخي.

إنه سلك طريق الرقمنة، وهو اليوم أمام مجتمع، لا يتوقف عن تفقد الحساب في هاتفه، في البنك، في العمل، في البيت حتى في صفحته على موقع التواصل الاجتماعي.

إلى السيد رئيس الحكومة الجديدة، أن يعرف بأن نهاية الحساب تكون من أول رقم في العملية، وأول رقم سيكون مسؤولا عنه هو عدد أعضاء فريقه الحكومي، فكلما كان عدد الوزراء رقما كبيرا وعظيما كلما كان رئيس الحكومة صغير وضعيف، وفي سلفه في الحكومة السابقة عبرة لأولي الأبصار.

من البداية تصنع النهاية

طابت أوقاتكم


شاهد أيضا
تعليقات
تعليقات الزوار
Loading...