Afterheaderads-desktop

Afterheaderads-desktop

Afterheader-mobile

Afterheader-mobile

الاصلاح يبدأ بنفسك..!؟ بقلم/ علال المراكشي..

ليس عيبا ان نكتب ونعيد ونكرر الكتابة عن الظواهر السلبية التي تنتشر في مجتمعنا،من رشوة وريع واستغلال النفوذ، وكأن ما يكتب حولها من نقذ، يساهم في توالدها و تزايدها وتكاثرها، عوض محاربتها والقضاء عليها، لأنها تشوه سمعة الوطن وتقف حجرة عثرة لتبوئه المرتبة التي يستحقها بين الدول الديموقراطية الحداثية.

تطورات وتغييرات متسارعة تعرفها الظروف العالمية، تحولات على جميع الاصعدة والمستويات،بدءا بعقلية المواطنين وتجويد الخدمات العمومية المقدمة لمرتفقي الادارات العمومية والشبه العموميةوكذا المجالس الجهوية والترابية، باستعمال الوسائل الرقمنة، بهدف تقريب الادارة مع حاجيات المتعاملين معها،من حيث الفعالية والجودة والشفافية،عبر وسائط التكنولوجية الجديدة، وضمان تعاونها الافقي بين مختلف الهيئات الوزارية والادارية في مجال المشاريع والخدمات، وتبسيط وتسهيل المعاملات الادارية وانجازها في أسرع الأوقات، تطور معها بشكل ملازم مفهوم الدولة، سياسيا واقتصاديا واداريا،بحيث لم تعد مبررات المركزية قائمة،لا من الناحية التاريخية،ولا من الناحية السياسية والتنظيمية.

فاداريا فشلت الدولة في تحقيق اهدافها، وسياسيا لم تعد الدولة بمفهومها المركزي،قادرة على ارساء قواعد ديموقراطية، اذ المصلحة العامة للوطن أصبحت تقتضي القرب من المواطنين واشراكهم في تسيير وتدبير شؤونهم العامة والمحلية.

وتعد الجهوية المندمجة المستدامة،من أبرز السمات التي تميز الأنظمة السياسيةوالادارة المعاصرة،بشكل جد متطور لنظام اللامركزية،ووسيلة مثلى لاشراك الساكنة في تدبير شؤونهم من خلال مؤسسات منتخبة جهوياومحليا، انتخابات نزيهة وشفافة، تعبر عن ارادة المواطنين،و تحظى بصلاحيات واسعة وامكانيات بشرية ومادية هامة،دون المساس بسيادة وكيان الدولة.

ومن هذا المنطلق،اتجهت جل الدول،ومن بينها المغرب،نحو ارساء دعائم الادارة المحلية،وتكريس التنمية الترابية،ونهج أساليب الادارة الحديث، المتمثل أساسا في اللاتركيز الاداري،الى جانب اللامركزية،ليكون تفعيلها،كفيلا باحداث تغيير جوهري وتدريجي،في تنظيم هياكل الدولة،وفي علاقات المركز بالجماعات الترابية.

وهذه الاهمية لم تأتي من فراغ من الدول الصاعدة مثل المغرب،بل نتيجة حتمية،أملتها ظروف ومعطيات وطنية ودولية معينة، استوجبت احداث وحدات ترابية مبادرة ونشيطة، وفعالة وساهرة على تسيير وتدبير الشأن العام المحلي، ومساهمةفي تحقيق التنمية المندمجة المستدامة، وينص الفصل 136 من دستور2011، ان التنظيم الجهوي والترابي يرتكز على مبادئ التدبير الحر و على التعاون والتضامن،ويؤمن مشاركة الساكنة المعنيين في تدبير شؤونهم والرفع من مساهمتهم في التنمية المندمجة المستدامة،كما ينص الفصل137 من نفس الدستور،على أن الجهات والجماعات الترابية الأخرى تساهم في تفعيل السياسة العامة للدولة،وفي اعداد السياسات الترابية،من خلال ممثليها في مجلس المستشارين.

وهو ما يجعل من الحكامة المحلية مجموعة من الأدوات التدبيرية التي تسعى الى ترشيد النظام الاداري والمالي والبشري، بهدف تحقيق أقصى النتائج من خلال التركيز على استثمارمختلف الامكانيات التواصلية التدبيرية من أجل توفير خدمات عمومية جيدة، لمرتفقي الادارات العمومية والشبه العمومية والجماعات المحلية والمجالس الترابية،بالموازاة مع الانكباب على ورش الاصلاحات الكبرى اللازمة لتفعيل التنظيم الترابي الجديد،في اطار حكامة جيدة تضع التنمية البشرية في صلب اولويات اهتماماتها.

ان الجهوية المندمجة المستدامة،تعتبر بعدا من أبعاد التدبير العمومي، ورهان من رهانات اللاتمركز،حيث تسعى من خلالهما الدولة،تجويد الحكامة وخلق أقطاب للتنمية المحلية،تخفيفا للعبء عن السلطات المركزية،وتكريس لادارة القرب، بمنح مجموعة من الصلاحيات والاختصاصات والموارد للمسؤولين المحليين المنتخبين والمعنيين، في العديد من القطاعات المتعلقة بالتنمية،وخاصة المتعلقة بالمجال الاقتصادي والاجتماعي،الامرالذي يتطلب وجود جهات قوية ذات مجالس وأجهزة تمثيلية حقيقية لارادة المواطنين، على رأسها نخب كفئة ومؤطرة،قادرة على حسن تدبير شؤون الجهات،المشرفة عليها،والاستجابة لتطلعات المواطنين وحاجياتهم التنموية، وليست مجالس صورية، همها تجويد أوضاعها الاجتماعية والحزبية،ولا تهمها مصلحة الوطن والمواطنين.

وتندرج الجهوية المندمجة المستدامة في اطار السياسة العمومية المغربية كألية لتفعيل الديموقراطية المحلية،على مستوى الوطني من خلال ترك الحرية في الاختيارات ووضع البرامج الاقتصادية الاجتماعية والتنموية للسكان المحليين،حسب كل جهة يديرونها، حسب قدراتهم ومواردهم الذاتية،في اطار من التضامن والتكامل مع باقي جهات المملكة الاثنى عشر.

وبصراحة وموضوعية، فقد أبانت التجربة الجهوية المغربية، على محدوديتها، بسبب طبيعة البناء المؤسساتي للجهات، المتسم بضعف المنتخبين الفاعلية الناجعة،وتداخل الاختصاصات بين الجهات والوحدات اللامركزية الاخرى، واشكالات أخرى مرتبطة بالنظام الانتخابي المعتمد على اللائحة، وتغييب قانون ربط المسؤولية بالمحاسبة، وثقل الوصاية الادارية وتشعبها والخصاص الكبير في الامكانيات البشرية والمالية المحدودة، والتقسيم الترابي، وعدم مواكبة سياسة عدم التركيز الاداري والجهوي.

ومن أجل النهوض بعملية التنمية الجهوية المستدامة، ونحن على أبواب استحقاقات انتخابية، في بحر هذه السنة، فان الامر يتطلب من الهيئات السياسية والنقابية،اعتماد سياسة المناصفة ،بين النساء والرجال في ترشيح ممثليهم في سباق الحصول على المقاعد في المؤسسات الدستورية المنتخبة، وتجويد مناهج واليات التواصل مع المواطنين،للانتقال بالتدبير الجهوي من تدبير بيروقراطي منغلق، الى تدبير ديموقراطي تشاركي دينامي،مع كل الكفاءات المحلية والفاعلين العموميين والخواص والجمعيات المهنية والجامعات والباحثين، لتتمكن الجهات من النهوض بدورها كفاعل اقتصادي واجتماعي، يواكب المستجدات والتطورات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.

وحتى تكون الحكامة المحلية والجهوية،مجسدة على أرض الواقع،فان ذلك يبقى رهينا بمدى وعي النخب المنتخبة، بحجم المسؤولية الملقاة على كاهلهم،لتحقيق التنمية المندمجة المستدامة، لاستجابة لطموحات وانتظارات المواطنين، وتلبية حاجياتهم،والتواصل معهم، لاسترجاع ثقتهم في العمل السياسي والمؤسسات المنتخبة،مع التخطيط لهذه الحاجيات، حسب جهات المملكة، وبرمجة تنفيذها، باعتماد الشفافية والنزاهة والتدبير الناجع والعقلاني، تفاديا، لتداخل الاختصاصات مع باقي مكونات الادارة المحلية، والتركيز على مهام التنمية الاجتماعية والاقتصادية،والتعمير واعداد التراب الوطني والتجهيز واحداث المناطق الصناعية،وتأهيل المنشأت التعليميةومراكز التكوين المهني، واحداث مركز للتكوين المعرفي لتأطير النخب، لمسايرة المستجدات الداخلية والخارجية، لتحقيق الرفاهية والتقدم والازدهارلجميع المغاربة، لان الجهوية المندمجة المستدامة، تتطلب من الدولة منح المزيد من الحرية والاستقلال الاداري والمالي، وتعزيز مواردها المالية البشرية،والتخفيف من حدة الوصاية الرقابة، وتعويضها بنظام المواكبة الادارية البعدية،وتفعيل قانون ربط المسؤولية بالمحاسبة، في اطار التوازن والتكامل بين منطلقات المدن والقرى، للحد من الهجرة نحو المدن ، فضلا على التشبت بمقدسات ثوابت الامة المغربية،لتاكيد ديموقراطية التمييز المغربي، الغني بتنوع روافده الفكرية والثقافية والمجالية المنصهرة في هوية وطنية موحدة.

وتبقى المسؤولية المشتركة لانجاح الجهوية المندمجة المستدامة،ملقاة على عاتق الاحزاب السياسية والنفابية،التي عليها ترشيح أكفأ الاطر وأحسنهم تكوينا وتأطيرا،لتبرهن عن صدقية انتمائها الوطني الصادق،بالفعل لا بالشعارات البراقة ،كما على المواطنين حسن اختيار المرشحين الذين يمنحونهم اصواتهم لتمثيلهم في المؤسسات المنتخبة، لأن لا يعقل بناء مؤسسات دستورية منتخبة،بنخب أمية لا تتوفر على شهادات معرفية،ولا يتقنون التعامل مع المنصات الرقمية ، تؤهلهم لتسيير وتدبير الشأن العام الوطني أو المحلي.

كتب: علال المراكشي

.


شاهد أيضا
تعليقات
تعليقات الزوار
Loading...