Afterheaderads-desktop

Afterheaderads-desktop

Afterheader-mobile

Afterheader-mobile

ليلى أشملال: الحلقة 10 من سلسلة في زمن الحرب والجوع (اسر شهداء حرب الصحراء المغربية)

بما ان المؤسسات العسكرية تنكرت لمستقبلنا ،سنتحدث عن الماضي .الحلقة 10 من سلسلة في زمن الحرب والجوع (اسر شهداء حرب الصحراء المغربية)

أصرت أختي على قلي حبات البطاطس أمام باب المنزل تفاخرا بذلك أمام رفيقاتها وتلميحا لهن بأن وجبة غذائنا ستكون على غير العادة.
منحت أخي بضع دراهم لشراء زجاجتين من المشروب الغازي “كوكا كولا”، فرح هو الآخر كثيرا، إنني أشفق عليه أكثر من باقي إخوتي لأنه لم ير  أبي أبدا، لقد كان مايزال روحا تتخبط داخل أحشاء أمي حينما غادرنا الراحل إلى دار البقاء، قالت أمي أنها كانت تنتظر عودة أبي من الصحراء لتخبره بحملها، لكنه رحل قبل أن يراها، قبل أن يودعنا وقبل أن يرى نسخته الأخيرة “ابراهيم” الذي أسميناه على إسمه، لم يؤذن له في أذنه ولم يحمله بين يديه كل ما استطاع منحه إياه هو لقب “إبن شهيد”، الألقاب دائما ما تمنح قيمة مضافة لحاملها، لكننا لم نحظى بأي قيمة اجتماعية ولم نتلقى أي إلتفاتة حقيقية من الوطن.
كانت وجبة الغذاء لذيذة جدا، لم أكن أعلم أن أختي ماهرة في الطبخ، لم تكن التجربة ما ينقصها إنما ملذات المأكولات من أصناف لحوم وأنواع الحوت التي يزخر بها بلدنا، كان ذلك كل ماينقصها لإتباث جدارتها في الطبخ واستحقاقها لكلمة “حادكة” عوض “نعاسة” التي كانت تناديها بها أمي حينما تتأخر في الإستيقاظ من النوم صباحا.
بعد الغذاء ذهبت للإستلقاء قليلا بينما خرج ابراهيم للعب مع صبيان الحي، واستعدت أمي لإستقبال بعض النساء لقراءة حظهن العاثر.
قالت لي أختي بعد أن سألتها عن “حميد” بأنه قد وجد عملا لدى النجار في الحي المجاور، وأن مصطفى قد اضطر للرجوع إلى عمله في “فران” الحي لكسب بعض النقود تغطية لإحتياجاته الشخصية.
أنا أتأسف بشدة كلما تذكرت أن لا أحد بيننا استطاع أن يتمم دراسته وأن يتولى منصبا مهما ينتشلنا فيه من هذا الفقر المدقع، فالفقر هو السبب الأساسي لعدم مكوثنا طويلا على مقاعد الدراسة، ما من أحد وفر لنا شيئا! ما من أحد شجعنا على اإكمال تعليمنا، ما من عم أو خال عوض فقداننا لأبينا وتكفل بأعباء الحياة عوضا عنا…
لقد كان لي أمل كبير في ولوج “عبد الهادي” و”الحسين” إلى الثانوية، لكنهما رسبا كثيرا في الصف الأول إعدادي بعدما إنضما لرفقاء السوء وأدمنا التبغ والكحول.

يتبع
حلقة كل خميس
من توقيع ليلى اشملال


شاهد أيضا
تعليقات
تعليقات الزوار
Loading...