مدير النشر
سعيد بندردكة
للتواصل هاتفيا
+212661491292
الثابت و الفاكس
+212537375252
الإيميل
[email protected]
مدير النشر
سعيد بندردكة
للتواصل هاتفيا
+212661491292
الثابت و الفاكس
+212537375252
الإيميل
[email protected]
آخر خبر
الحديث عن فرض ضريبة على الثروة ليس جديدًا بالمغرب، فقد طُرح منذ أكثر من عشر سنوات وأثار جدلاً واسعًا، لكنه بقي حبيس الأدراج البرلمانية، وسط رفض متكرر للحكومات المتعاقبة الاقتراب من مصالح كبار الأثرياء وأصحاب النفوذ الاقتصادي والسياسي.
عاد النقاش إلى السطح مجددًا بعد زلزال الحوز وما أظهره من هشاشة مالية وإقصاء للجهات، لكن الطرح ظل محدودًا، بينما تمسكت الحكومة بالحلول التقليدية، من الضرائب العادية والقروض الخارجية، وصولاً إلى بيع المستشفيات والمرافق العمومية في إطار ما وصفه فوزي لقجع، الوزير المنتدب المكلف بالميزانية، بـ”تمويلات مبتكرة”.
وفق المقترح الذي تم تقديمه، كانت الضريبة ستشمل الثروة الشخصية: عقارات، معادن ومجوهرات ثمينة، أسهم وسندات، ودائع بنكية، مركبات فاخرة، مراكب وسفن، وأرباح ودخول صافية تفوق 10 ملايين درهم. وحدد معدل الضريبة بنسبة 1٪ للثروات بين 10 و30 مليون درهم، و1.5٪ بين 30 و50 مليونًا، و2.5٪ للثروات الأعلى من 50 مليونًا.
الغريب أن وزير المالية السابق، محمد بنشعبون، الذي دافع عن ضريبة التضامن الاجتماعي، كان ذاته الذي وضع “فيتو” ضد ضريبة الثروة، معللاً بأن “الوقت ليس مناسبًا”، رغم التقارير الوطنية والدولية التي أكدت أهمية هذه الضريبة في بلد تتسع فيه فجوة الفقر والثروة.
تبريرات الحكومة، مثل تخوفها من هروب المستثمرين أو استنساخ تجارب دول أخرى، تواجه انتقادات واسعة، لأنها تتجاهل عجز الدولة عن خلق موارد جديدة بعيدًا عن الحلول النمطية. فقد كشفت المناظرة الوطنية للجبايات عن عدم عدالة توزيع الضغط الضريبي، حيث تساهم 6.12٪ فقط من الشركات بنسبة 95٪ من مداخيل ضريبة أرباح الشركات، بينما يظل باقي الفاعلين الاقتصاديين بعيدين عن هذا العبء.
وبالمقابل، أبرز تقرير أوكسفام أن فرض ضريبة صافية بنسبة 2٪ على الثروة كان سيولد حوالي 6.17 مليار دولار بين 2010 و2019، ما كان سيخفف من أثر جائحة كورونا ويتيح إعادة توزيع أكبر للموارد. كما أوضحت المنظمة أن نسبة 5٪ كانت ستكفي لمضاعفة إنفاق البلاد لتجاوز تداعيات الأزمة الصحية، معتبرة أن الفرصة لتسخير ثروات الأغنياء لصالح التنمية لا ينبغي تفويتها.
لكن الحكومة فضلت، مرة أخرى، عدم إزعاج الأغنياء، مطيّرة بذلك فرصة إصلاح مالي جوهري، وممددة يدها من جديد إلى جيوب المواطنين العاديين، تاركة ملف ضريبة الثروة في خانة “المقترحات التي تظل معلقة بين الجدية والرفض السياسي”.
