الفقيه بن صالح بين الحياة والموت… طفلة تكشف أعطاب المنظومة الصحية من الفقيه بن صالح إلى بني ملال

متابعة / جلال لويزي

لحظة لعب عابرة كادت أن تتحول إلى مأساة. طفلة لا تتجاوز خمس سنوات ابتلعت الألم دفعة واحدة بعدما إرتطم وجهها بباب المنزل وهي تحمل أنبوبا صغيرا داخل فمها، ليتحول المشهد في ثوان إلى نزيف حاد وإصابة خطيرة في الحنجرة.

نُقلت الطفلة على وجه السرعة إلى المستشفى الإقليمي بالفقيه بن صالح، حيث أكد طبيب المستعجلات أن الحالة تتجاوز قدرات التدخل المتاحة، موجها الأسرة نحو المستشفى الجهوي ببني ملال. وهناك، وجد الجميع أنفسهم وسط فوضى وإكتظاظ كبيرين، قبل أن تُعاين الطفلة بشكل سريع من طرف طبيبة شابة أخبرت الأسرة بأن الوضع “لا يستدعي القلق”، مع توصية بالعودة في اليوم الموالي إلى طبيب متخصص.

لكن المفاجأة جاءت من الصيدلية: الدواء الموصوف مخصص للبالغين، كما حذر الصيدلاني من إحتمال تفاقم الورم بشكل قد يهدد حياة الطفلة خلال الليل. قضت الأسرة ساعات طويلة من الترقب والخوف، بينما الألم يزداد حدة.

في صباح اليوم التالي، توجه أفراد الأسرة إلى المستشفى الجهوي من جديد، ليجدوا أن طبيب الحنجرة في إجازة. ولم يلقوا سوى جملة باردة من إحدى الممرضات:
“اذهبوا إلى الإدارة… لا يمكنني فعل شيء.”

وبعد تدخل أحد المسؤولين، أعيد توجيه الحالة نحو المستشفى الإقليمي من جديد. لكن هناك، اصطدمت الأسرة بطابور طويل من الحالات، وأنتهى الأمر بطلب العودة في اليوم التالي.

ثلاثة أيام من الإنتظار، والألم، والتنقل بين المؤسسات الصحية. وعندما فحص الطبيب الطفلة أخيرا، وضع يده على رأسه متحسرا:
“هذه حالة استعجالية… كان يجب إدخالها منذ اليوم الأول.”

تم نقل الطفلة مباشرة إلى الجراحة، لكن سلسلة الصدمات لم تنته. فقد طُلب من الأسرة شراء خيط جراحي من الخارج. أحضرت الأسرة خيطا، فتم رفضه. أحضرت آخر، فكان غير مناسب. وثالثا، … لتنفجر أسئلة الغضب:
“من أين نأتي بالخيط المناسب؟ من ألمانيا؟ من أمريكا؟”

كيف يمكن لعملية إنقاذ حياة طفلة أن تتعثر بسبب خيط جراحي؟
وأي منظومة هذه التي تُلقي بعبء المستلزمات الحيوية على أسر مفجوعة تقف بين الخوف والرجاء؟

دخلت الطفلة غرفة العمليات بعد جهد ومعاناة، وخرجت وهي تتنفس بصعوبة… لكنها عادت للحياة.

غير أن القصة تكشف واقعا أكبر من حالة واحدة:
من سيجري العملية الجراحية للمنظومة الصحية نفسها… قبل أن يحدث ما لا يمكن تداركه؟