Afterheaderads-desktop

Afterheaderads-desktop

Afterheader-mobile

Afterheader-mobile

حصان طروادة في زمن كورونا..مشروع ”تكميم الأفواه”..

سعيد بندردكـــــــة 

                                                                     شهد المغرب خلال السنوات الفارطة، منعطف سياسي و اجتماعي صعب، شكلت أحد مظاهره تغيرات عميقة، كانت بمثابة مفاجأة مذهلة للجميع، منعطف سياسي واجتماعي انتقل من مطالب شعبية مختلفة من قبيل الحرية والكرامة الإنسانية والعدالة الإجتماعية،والمطالبة بالتشغيل وإسقاط الفساد…وهي مطالب اجتماعية واقتصادية وسياسية محضة.وللخروج بأقل الخسائر من هذه المرحلة ،قرر المغرب التكيف مع متطلبات المرحلة، من خلال التعبير الصريح، بمبادرة استباقية لتكسير إيقاع الإحتجاجات ، وترجمة هذه المبادرة بإصلاحات دستورية وسياسية في خطاب 9 مارس 2011، إصلاحات شاملة ، مع الحفاظ في نفس الوقت على الإستقرار .

هذه الإصلاحات توجت بالتصديق على دستور جديد ،شكل منعطفا حقيقيا في التاريخ السياسي المغربي، دستور أتى بمجموعة من المستجدات والقضايا مثل استقلال السلطة القضائية وتوسيع مجال الحقوق والحريات ،دسترة توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة،ربط المسؤولية بالمحاسبة وتخليق الحياة العامة باتباع أساليب الحكم الصالح وآليات الحكامة الجيدة.
مرتكزات أساسية لمغرب جديد تمكن من خلخلة الجمود المؤسساتي وتغيير بنية المنظومة السياسية أساسا وخاصة فيما يتعلق بتداول السلطة وتمكين الشعب من تقرير مصيره السياسي لتأسيس نظام سياسي عقلاني يتم الإحتكام فيه أولا وأخيرا إلى إرادة الشعب وفتح صفحة جديدة في تاريخنا السياسي ركيزته الأمل في المستقبل.
في ظل هذا السياق العام وللأسف الشديد انبثقت عنه حكومة العثماني والتي تشكلت قسرا من أحزاب سياسية متباينة الرؤى والتصورات، مما جعلها تتخذ قرارات غير فعالة لا تحصد مقابل ذلك سوى التخلف الإجتماعي وما يستتبع ذلك من مآسي .
ففي مثل هذه الظرفية الصعبة الحالية التي يعرفها العالم ،وتعيشها بلادنا ، والمرتبطة بتفشي فيروس كورونا المستجد والصعوبات المرتبطة بهذه الأزمة وفي ظل الإجماع الوطني الذي يجمع بين المجتمع والسلطات العمومية، يعرف المغرب إجماعا وطنيا وتعاقدا جديدا في مواجهة هذا الوباء.

وفي الوقت الذي كنا نتابع فيه الممارسات الجيدة للسلطات وهي في الميدان، ونتابع إنجازات الأطباء والممرضين وعمل عناصر الأمن والجيش و السلطة وأعوان السلطة نكتشف صمود المجتمع وإنجازات المغاربة في أشكال مختلفة من التضامن والتآزر .
و بعدها تأتينا الحكومة ،وبشكل خجول بمشروع مرسوم متعلق باستعمال وسائل التواصل الاجتماعي ، اعتبره المغاربة بمشروع لتكميم الأفواه، متنافيا مع ما جاءت به المفوضية السامية لحقوق الإنسان والتي تقول أن الإجراءات الإحترازية المتخدة لمواجهة كورونا تبدأ وتنتهي لمحاربة الجائحة ليس إلا.

استغلت الحكومة حالة الطوارئ من أجل تمرير قوانين مجحفة تضرب عرض الحائط المكتسبات وتجهز على الحقوق والحريات، نشرمشروع قانون وبالصيغة التي خرج بها إلى الملأ وفي هذا الوقت بالذات ليس بريئا. كان مرسوما متسرعا بكل المقاييس خصوصا بالطريقة التي وجه بها  للأمانة العامة للحكومة ، ليتم برمجته مباشرة بعد يوم واحد في جدول أعمال المجلس الحكومي والمصادقة عليه.
طريقة تمرير مشروع القانون والسكوت عليه وعدم نشره ،لم تعمل الحكومة في المحصلة إلا على تأجيج مشاعر المغاربة ودفعهم إلى التنديد به وتسجيل حالة انعدام الرضى والإحباط، بحيث قوبلت مواده برفض واسع من طرف المغاربة ،لتضمينه عقوبات ثقيلة ومجحفة تتراوح بين السجن والغرامة المالية في حق كل من دعا إلى مقاطعة بعض المنتجات والبضائع أو الخدمات أو التحريض على ذلك عبر شبكات التواصل الاجتماعي أو شبكات البث المفتوح.
ففي ظل هذا الغموض برزت أصوات حتى من داخل الحزب الحاكم تنادي بعدم التسرع في إحالته على البرلمان ونهج مقاربة تشاركية لنقاشه مع المجلس الوطني لحقوق الإنسان والنقابة الوطنية للصحافة المغربية والجمعيات الحقوقية والجمعيات المهتمة بحرية الإعلام ومديري نشر الجرائد والمواقع الإلكترونية الوطنية .
خلاصة القول ، وفي ظل هذه الوضعية الحساسة كان الأجدر بالحكومة وبمسؤولية سياسية مناقشة المشروع في مضمونه الحقيقي وإطلاع الرأي العام الوطني عليه عبر وسائل الاتصال .بدل الارتباك والتذبذب عبرنقاشات مغلوطة واتهامات مجانية ينقصها كثير من الشجاعة الأدبية والسياسية لا تأخذ بعين الإعتبار التطورات السريعة والقوية التي تشهدها بلادنا والتحولات الإقتصادية والإجتماعية والتكنولوجية والبيئية.


شاهد أيضا
تعليقات
تعليقات الزوار
Loading...