Afterheaderads-desktop

Afterheaderads-desktop

Afterheader-mobile

Afterheader-mobile

أصيلة مرجانة المحيط : من هنا مر بطليموس وقفل الفايكينغ باحثين عن كنوزهم..بقلم/ هشام الصميعي

مثل عروس باذخة بجمالها الأخاذ ، تمد أصيلة من على جرف البحر رجليها المخضبتين بالحناء نحو المحيط الذي يخترقه نهر ينبع من خصرها ليعانق ضفة شاطئها الذهبي تلتقي مياه النهر في آخر رحلته ، فتحتفي بها ٱمواج الٱطلسي في مصب رقراق يجدد الحكايات منذ الأزل .

تلتقي زرقة المحيط وزرقة السماء وأجنحة طائر’ لباطروس” وهو يمخر عباب الآفاق مع خضرة المروج المضمخة بكروم العنب والرمان لترسم أبهى اللوحات ، تلتقي ابتسامة البحارة مع بساطة الفلاح  ، هنا أبدع الفنانون أروع لوحاتهم واستلهم الشعراء القوافي فأخرجوها كسبائك تطرب المسامع .

من هذه الحاضرة الٱطلسية مر الفلكي الإغريقي بطليموس في القرن الثاني للميلاد ليضرب حظا في الشهرة ل “ٱزيليس ” المغربية كما يذكرها اليونان بهذا الإسم ، مع ٱكبر حواضر العالم الاغريقي الروماني القديم المشعة بالحضارة لتحاور أصيلا في كتابه “الجغرافيا “مدن كبيرة  كالٱسكندرية وآتينا وروما بمدنيتها ، بيد أن تاريخ هذه الحاضرة الأطلسية يمتد بجذوره الضاربة في القدم إلى 1900 قبل ميلاد المسيح.

حيث شاء لهذا المركز التجاري على الطريق الفينيقي ان يزهر من تحث ثرى الخليج الممتد من طنجة و أن تجلب إليها بخيراتها وموقعها أنظار التجار الفينيقين ،قبل ٱن تتحول ببهائها الثري إلى مطمع للقراصنة فمن غارات الفايكينغ الى مطامع الٱنقليز تم البرتغال فالاسبان , تحولت ٱزيليس إلى ٱسطورة في المقاومة وإلى ثغر عصي على الطامعين فحفتها الخنادق من كل جانب عنوانا للتحرر والصمود .

وليس فخرا ٱن تجذب منارة آصيلة إليها،  ٱكبر الرحالة والجغرافيين والعلماء من المشرق ومن الٱندلس منذ القرن الأول الهجري .
في القرن الرابع الهجري  يورد الرحالة إبن حوقل ذكرها في كتابه قائلا :” وأزيلي مدينة عليها سور متعلقة على رأس جرف خارج من البحر المحيط إلى أرض المغرب لطيفة وسورها من حجارة وحظهم من الزروع والحنطة والشعير وافر وماؤها من آبار فيها معين لذيذ، وإذا أخد منها الآخد يريد الجنوب على سيف البحر المحيط لقيه وادي سفدد وهو وادي كبير عظيم غزير الماء عذب، يحمل المراكب ومنه شرب أهل تشمس “.

وقد وصفها الرحالة  الحسن الوزان  الذي مر بها في القرن الرابع عشر الميلاذي في كتابه وصف أفريقيا قائلا:” وأرزيلا مدينة كبيرة بناها الرومان على البحر المحيط على مسافة 70 ميلا من مضيق جبل طارق وقد فتحها المسلمون سنة 94 هجرية 713 م  واحتفظوا بها قرنين من الزمن قبل أن يهاجمها الأسطول الأنجليزي وينهبها لكن المسلمون استرجعوها وعادت إلى حالتها بل أفضل مما كانت عليه”  (كتاب وصف أفريقيا ).
ويحكي الرحالة البكري الذي زارها في ” أن أصيلا مدينة محدثة وسبب بنائها أن المجوس( الفايكينغ) خرجوا من مرساها مرتين : فأما الأولى ، فأتوا قاصدين وزعموا أن لهم بها أموالا وكنوز فاجتمع البربر لقتالهم ، فقالوا لم نأتي لقتال وإنما لنا كنوزا في هذا الموضع ”

ويضيف البكري في هذه الرواية الغريبة أن قراصنة الفايكينغ وعدوا البربر بأنهم سيقتسمون معهم الكنوز الذين أخفوها بموضع من أصيلا ، فيقول ” ورضي البربر بذلك فاعتزلوا فحفر المجوس موضعا فاستخرجوا دخنا كثيرا عفنا، فنظر البربر إلى سفرته فظنوه ذهبا ، فبادروا إليه فهرب المجوس إلى مراكبهم، فأصاب البربر الدخن فندموا فرغب المجوس في استخراج المال ” ،إلا ان الفايغينغ رفضوا استخراجه مرة أخرى بدعوى أن البربر قد نقضوا عهدهم ولم تعد فيهم ثقة من طرف الفايكينغ الذين تركوا كنوزهم مطمورة ورحلوا بمراكبهم  إلى إشبيلية بالأندلس بحسب رواية الرحالة البكري الذي وصف المدينة وصفا دقيقا في القرن الرابع الهجري .
بيد أن المؤرخين يجمعون على أن هذه المنارة التي كانت رباطا يجتمع به أهلها ثلاث مرات في السنة في أسواق جامعة وذلك في رمضان وفي العاشر من ذي الحجة وفي عاشوراء , قد ذاع صيتها منذ القرن الهجري الرابع إلى المشرق و الأندلس فقصدها التجار بضروب من السلع وخيموا بها ، وأن المدينة التي كان موضعها ملكا لقبيلة لواثة قد بنيت موضعا موضعا في الفترة الاسلامية وأول ما بني بها مسجدها من طرف قوم من كتامة كما يورد الرواة ، قبل أن يقدم إليها آخر ملوك الأدارسة وهو  القاسم إدريس  ابن ادريس الذي ملكها وبنى سورها وقصرها ويزعم الرواة أن المدينة تحتضن قبر القاسم ادريس ابن ادريس .

وبين عبق التاريخ و ثنايا سرد ميلاد حضارة  لازالت أصيلة تحلق بوشاحها في سماء المحيط وزرقته ، إلى اليوم كعاصمة لثقافة المحيط وفنونه  .


شاهد أيضا
تعليقات
تعليقات الزوار
Loading...